بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد روي عن عبد الله بن أبي نجيح وعبدالله بن أبي بكر، في فتح مكة أنهما قالا وأصيب من جهينة سلمة بن الميلاء من خيل خالد بن الوليد وأصيب من المشركين ناس قريب من أثني عشر رجلا، أو ثلاثة عشر رجلا، ثم إنهزموا فخرج حماس منهزما حتى دخل بيته، ثم قال لامرأته أغلقي علي بابي قالت فأين ما كنت تقول ؟ فقال إنك لو شهدت يوم الخندمة إذ فر صفوان وفر عكرمة، وأبو يزيد قائم كالموتمة واستقبلهم بالسيوف المسلمة، يقطعن كل ساعد وجمجمة ضربا فلا يسمع إلا غمغمة، لهم نهيت خلفنا وهمهمة لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة.
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وحنين والطائف، وشعار المهاجرين يا بني عبدالرحمن، وشعار الخزرج :يا بني عبدالله، وشعار الأوس يا بني عبيد الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم إلا أنه قد عهد في نفر سماهم أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة منهم عبدالله بن سعد وهو أخو بني عامر بن لؤي، وكان سبب أمر الرسول بقتل سعد وشفاعة عثمان فيه، وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه قد كان أسلم وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فإرتد مشركا راجعا إلى قريش ففر إلى عثمان بن عفان وكان أخاه للرضاعة فغيبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن إطمأن الناس وأهل مكة، فاستأمن له فزعموا أن رسول الله صمت طويلا.
ثم قال نعم، فلما إنصرف عنه عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله من أصحابه لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه فقال رجل من الأنصار فهلا أومأت إلي يا رسول الله ؟ قال إن النبي لا يقتل بالإشارة، وقال ابن هشام ثم أسلم بعد، فولاه عمر بن الخطاب بعض أعماله ثم ولاه عثمان بن عفان بعد عمر رضي الله عنهم أجمعين، وقال ابن إسحاق وعبدالله بن خطل رجل من بني تيم بن غالب إنما أمر بقتله أنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار وكان معه مولى له يخدمه وكان مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا، فيصنع له طعاما فنام فإستيقظ ولم يصنع له شيئا، فعدا عليه فقتله ثم إرتد مشركا، وكما كانت له قينتان فرتنى وصاحبتها وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهما معه، وكذلك الحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد بن قصي وكان ممن يؤذيه بمكة، وكان العباس بن عبدالمطلب حمل فاطمة وأم كلثوم، إبنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة يريد بهما المدينة، فنخس بهما الحويرث بن نقيذ، فرمى بهما إلى الأرض، وقال ابن إسحاق ومقيس بن حبابة وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لقتل الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ، ورجوعه إلى قريش مشركا، وكذلك سارة مولاة لبعض بني عبدالمطلب، وعكرمة بن أبي جهل، وكانت سارة ممن يؤذيه بمكة فأما عكرمة فهرب إلى اليمن، وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام فاستأمنت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه، فخرجت في طلبه إلى اليمن حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم، وأما عبدالله بن خطل فقتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي وإشتركا في دمه.
وأما مقيس بن حبابة فقتله نميلة بن عبدالله وهو رجل من قومه، فقالت أخت مقيس في قتله لعمري لقد أخزى نميلة رهطه وفجع أضياف الشتاء بمقيس، فلله عينا من رأى مثل مقيس إذا النفساء أصبحت لم تخرس، وأما قينتا ابن خطل فقتلت إحداهما وهربت الأخرى حتى إستؤمن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فأمنها، وأما سارة فإستؤمن لها فأمنها ثم بقيت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا في زمن عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها، وأما الحويرث بن نقيذ فقتله علي بن أبي طالب.
إضافة تعليق جديد