كتب/ محمد إبراهيم
" نورماندي تو ، انا كلمتي مش ممكن تنزل الأرض ابدا " عبارات من بين إفيهات عديدة أطلقها الفنان عبد الفتاح القصري وأصبحت علامات في تاريخ السينما و رسخت في أذهان الملايين
منحنا الضحكة بكل تلقائية و سلاسة أنه أيقونة الكوميديا بلا منازع ولكنه في النهاية أبكاه الكثيرون حتى رحل عن دنيانا بعد معاناة من آلام المرض و غدر أقرب الناس له
البداية
ولد عبد الفتاح القصري في 15 أبريل عام 1905 م في حي الجمالية بالقاهرة تعلم القصري في مدارس " الفرير " كان والده يعمل بتجارة الذهب وأراد الأب أن يعمل نجله معه في تجارة الذهب إلا أن القصري لم يكن يري نفسه يصلح لشئ سوى للتمثيل الذي استهواه وأراد أن يجرب حظه في مجال الفن إلا أنه وجد معارضة شديدة من والده الذي هدده بحرمانه من الميراث إذا أصر علي السير في طريق الفن
لكن القصري اختار لنفسه طريقا لا رجعة فيه وبدأ يشق طريقه مع التمثيل فأنضم لفرقة عبد الرحمن رشدي المسرحية ثم بعدها عمل في فرقة نجيب الريحاني
و أخيرا انضم لفرقة إسماعيل يسن عام1954 م
القصري و رحلته مع السينما
قدم عبد الفتاح القصري 60 فيلما طول مشواره الفني
أمتع خلالها الملايين بتمثيله و أدائه التلقائي لجميع أدواره التي برع فيها و قدم للجمهور خلالها جرعات ممتعة من الضحك و البهجة من خلال الافيهات و العبارات التي اشتهر بها في معظم أعماله
شارك القصري معظم نجوم السينما افلامهم كما كان القاسم المشترك في أفلام نجيب الريحاني و أفلام إسماعيل يسن واشتهر بتقديمه لأدوار ابن البلد خفيف الظل
بدأ اول افلامه مع فيلم " المعلم بحبح " وتوالت أعماله بعد ذلك ومن أشهر افلامه " سي عمر و لعبة الست و ليلة الدخلة و الأستاذة فاطمة و الانسة حنفي و ابن حميدو
بداية المأساة
لو أراد أي كاتب سيناريو أن يؤلف مشهد تراجيدي ليبكي الجمهور لن يخطر على باله أن يصنع مشهد ويكتب سطورا من المأساة و الألم كالتى كتبت علي عبد الفتاح القصري في تلك الليلة عندما كان يؤدي دوره كعادة كل يوم في احدي مسرحياته في فرقة إسماعيل يسن وفجأة وسط ضحكات الجمهور و ضجيج التصفيق صرخ عبد الفتاح القصري بأعلى صوته قائلا " أنا مش شايف حاجة " وبينما هو يصرخ بتلك الحملة كانت ضحكات الجمهور تتعالى في جنبات المسرح ظنا منها أنه يكمل دوره في العرض المسرحي
إلا أنه ومع صرخات القصري فطن إسماعيل يسن بأن شيئا ما قد حدث للقصري
فأمسك بيديه وأخذه خارج القاعة ليتفاجأ الجميع بأن تلك الصرخات المدوية التي كان يئن بها القصري كانت نتيجة إصابته بالعمى علي خشبة المسرح بسبب إرتفاع السكر بالدم
النهاية المحزنة .. و غدر البشر
ولم تقتصر معاناة القصري عند إصابته بالعمى فقط بل زاد من الوجع والألم تلك المرأة اللعوب التي تزوجها ولم تكن سوى شيطان أكمل علي ما تبقى من حطام انسان اقعده المرض و احزنه فراق الاحباب و الاصدقاء فلم تكتفى تلك المرأة بأنها جعلته يتنازل لها عن جميع ما يملكه بل جعلته يطلقها وتزوجت من " صبي البقال " ذلك الشاب الذي كان يعطف عليه عبد الفتاح القصري
والأدهى من ذلك أنهما عاشا معا " المرأة اللعوب وصبي البقال " ومعهم القصري في شقة واحدة
وكان يعيش كل يوم مأساة جديدة عندما تتركه طليقته بدون رعاية لتخرج تتنزه مع صبي البقال مما أدى إلى تدهور الحالة الصحية للقصري حتى أصيب بفقدان الذاكرة
ولم ينقذه من ذلك العذاب سوى الفنانتان ماري منيب و نجوى سالم اللتان اصرتا علي اصطحابه للعلاج بمستشفى المبرة بالقاهرة
حتى فاضت روحه الي بارئها صباح الأحد 8 مارس عام 1964 م
ولم يحضر جنازته سوى بعض أفراد أسرته والفنانة نجوى سالم
إضافة تعليق جديد