قصة أول شهيد .."عبد الهادى السقا " بطل قضى ١٥٩ يومًا خلف خطوط العدو
كلما بحثنا عن قصة أكبر بطولة في حرب أكتوبر، أو تأريخ لأول شهيد،تنهمر القصص من كل سلاح تكشف عظمة هؤلاء اﻷبطال على طول الجبهة.. في يوم الشهيد بحثنا عن أفراد استشهدوا في صباح السادس من أكتوبر 1973 وجدنا بطلاً قضي خلف خطوط العدو ١٥٩ يومًا، واستشهد قبل دقائق من العبور
العميد أركان حرب فتح الله السقا وهو من أبطال أكتوبر تحدث عن فدائية شقيقه الشهيد. وعن مذكرات الشهيد البطل" عبد الهادي السقا " أن مذكراته التي سماها 159 يومًا خلف خطوط العدو الإسرائيلي في سيناء المحتلة، سطرها في مهمته خلف خطوط العدو، وتركها لورثته لتكون درسًا بطوليًا في الوطنية للأجيال المقبلة.
العملية التي قام بها عبد الهادي السقا قبل استشهاده، كانت من ضمن مهام الإعداد لحرب 1973 والحصول علي معلومات عن العدو، وكان لها أثر كبير في دعم القوات المسلحة المصرية بالمعلومات اللازمة عن العدو، وهي مهام الاستطلاع عمومًا.
ولد عبد الهادي ،في 12 أبريل 1949 بعزبة الشارية قرية معنيا بمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، درس في مدرسة رمسيس الابتدائية ثم مدرسة إيتاي البارود الإعدادية وتكريما له من محافظة البحيرة سميت بعد استشهاده مدرسة الشهيد عبد الهادي السقا الإعدادية للبنين، ثم التحق بمدرسة إيتاي البارود الثانوية، والتحق بالكلية الحربية في 15 أكتوبر 1966،دفعة الشهيد إسماعيل صبري (دفعة 53) بسلاح المدرعات.
تم اختياره ضمن خمسة من الضباط المتميزين من دفعته للعمل بسلاح المخابرات الحربية والاستطلاع ،وفى مقر السلاح كان المقدم علي حفظي رئيسًا لفرع لشئون الضباط ، وهو برتبة الملازم تم تكليفه لتنفيذ مهمة استطلاع في 23 مارس 1969، وبدأ يجهز نفسه لتنفيذها، حيث قام بها في السادس من شهر يونيو 1969، بعد مرور عامين علي النكسة، قام بعبور قناة السويس لتنفيذ مهمة استطلاع مؤخرة العدو الإسرائيلي في سيناء المحتلة أثناء حرب الاستنزاف لرفع معنويات زملائه، وتم تنفيذها بكل شجاعة واقتدار لمدة تزيد على 5 أشهر انتهت في العاشر من نوفمبر ١٩٦٩، وأثناء تنفيذ مهمته وعندما رآه بدو سيناء قالوا إنه يشبههم كثيرًا، وكان ذلك أحد أسباب نجاح مهامه.
وكان طيلة الوقت الذي قضاه خلف خطوط العدو الإسرائيلي جاهزًا للاستشهاد من أجل إعادة كل شبر من تراب الوطن اغتصبه العدو.
ويوضح شقيق الشهيد أنه عقب عودة أخيه من مهمته خلف خطوط قوات الاحتلال، منحه الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة آنذاك نوط الشجاعة العسكري في 3 فبراير 1970، وأثناء زيارة الرئيس السادات إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع في 12 أغسطس 1971 لتكريم الضباط الذين قاموا بأعمال بطولية خلف خطوط العدو منحه نوط الترقية الاستثنائية وتمت ترقيته من رتبة الملازم أول إلي رتبة النقيب قبل دفعته بحضور الفريق أحمد صادق وزير الحربية والفريق سعد الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
وفي لقاء الرئيس السادات مع أبطال الاستطلاع خلف خطوط العدو ،قبيل تنفيذ مهمته في ٦ أكتوبر، قال لهم السادات المعركة ستكون عنيفة جدا وشرسة، قواتنا المسلحة ظلمت خطأ عام 1967 ،وكان الخطأ في القيادة ،لن نشتبك هذه المرة من بعيد، بل سنكون وجها لوجه مع العدو ،نحن نواجه عدوًا شرسًا ولئيمًا ،ولا بد أن نكون في منتهي المكر في مواجهته، وأن المعركة القادمة ستثبت أننا أكثر صلابة من إسرائيل.
وقال فتح الله شقيق الشهيد إنه في أثناء عام 1969،كنت طالبًا في المرحلة الثانوية ،والتحقت بالكلية الحربية في أكتوبر 1971، حيث تخرجت أيضًا قبل معركة الكرامة في الأول من أغسطس 1973 في آخر دفعة ضباط تشارك في حرب أكتوبر،وخدمت في جبهة القتال في أحد المواقع المتقدمة في العين السخنة علي خليج السويس في سلاح الإشارة بالجيش الثالث الميداني.
اللقاء الأخير وعن تفاصيل اللقاء الأخير للنقيب عبد الهادي السقا مع أسرته قبل استشهاده, يقول العميد فتح الله إنه كان قبل حرب أكتوبر بأيام، وتحديدًا في 29 سبتمبر 1973، كان آخر لقاء للشهيد عبد الهادي السقا مع أسرته في بلدته، وقال لوالدته إن لديه امتحانًا للترقي وطلب منها الدعاء له ولمصر.
وكان ذلك ضمن الخداع الإستراتيجي للحرب ألا يخبر أحدًا بمهمته،وكانت تلك أيضًا آخر مرة أري فيها شقيقي، وقال لي إن القوات المسلحة تستعد لتحرير الأرض دون تحديد موعد لذلك، كوني كنت ضابطًا من أبطال حرب أكتوبر أيضًا.
وفي أثناء حرب أكتوبر كانت أسرته المكونة من والديه وأشقائه السبعة (3 ذكور و4 إناث) تعيش الحرب لأن كل أشقائه الذكور كانوا في الحرب ضباطًا ومجندين (ملازم فتح الله في جبهة قناة السويس بالجيش الثالث الميداني، ومنصور عريف مجند بسرية الاستطلاع البحري بالبحر الأحمر, وعبد الله رقيب مجند في سلاح الدفاع الجوي في الجبهة).
وجاءت ساعة الصفر، وبدأت قواتنا عبور قناة السويس في السادس من أكتوبر 1973، وأثناء عبور الطائرات الهليكوبتر التي كانت ضمن مجموعات استطلاع خلف خطوط العدو ومجموعات الصاعقة، وعلي مسافة 10 كيلومترات شرق القناة وفي عمق سيناء اعترضتهم طائرة فانتوم إسرائيلية وأطلقت صاروخًا علي الطائرة الهليكوبتر التي كانت تقل الضابط عادل فوده ومجموعته، ولكن الطيار أجري مناورة فأصاب الصاروخ طائرة النقيب عبد الهادي السقا ليستشهد هو ومجموعته ،وذلك حسب الرواية التي ذكرها اللواء عادل فوده بعد عودته, ليكون عبد الهادي السقا أول شهيد في كتيبة الاستطلاع ،وتمت ترقيته بعد استشهاده لرتبة رائد شهيد.
اللواء علي حفظي في ذكرياته عن نصر أكتوبر قال في شهادته عن البطل ، مع بداية الحرب ظهرت بعض المتغيرات واضطررنا لإعادة صياغة المواقف ولكن كان أسوأ خبر تلقيته في بداية العمليات هو استشهاد النقيب عبد الهادي السقا ومجموعته وقد استشهد أثناء تأدية واجبه خلف الخطوط.
وكان يعتبر قدوة في الأخلاق والتفاني، وكانت الطائرة الهليكوبتر التي تقله مع مجموعته لمنطقة تنفيذ مهمته قد أصيبت وكان قد سبق له العمل عدة مرات وكان أحد أبرز ضباط الاستطلاع خلف الخطوط.
وفي 22 مارس 1974 تم نقل جثمان الشهيد الرائد عبد الهادي السقا ومجموعته عن طريق تبادل الشهداء مع الجانب الإسرائيلي بعد وقف إطلاق النار.
ودفن في مقابر شهداء الجيش الثاني الميداني بالتل الكبير، وفي 24 نوفمبر 1974 قامت أسرته بنقل جثمانه إلى مدافن الأسرة دون الانتظار لجنازة عسكرية.
وكانت جنازته مهيبة لم تشهد محافظة البحيرة مثلها في أعداد الذين حضروا حيث إن الشهيد كان يتمتع بالشهامة والرجولة وخدمة أهل قريته.
وتكريمًا له بعد استشهاده، منحه الرئيس السادات نوط الواجب العسكري من الطبقة الأولي في 20 ديسمبر ..
1975 كما كرمه بعد استشهاده سلاح المخابرات الحربية والاستطلاع وتم إطلاق اسمه علي مبني قيادة الكتيبة التاسعة استطلاع خلف خطوط العدو ليصبح مبني البطل الشهيد الرائد عبد الهادي السقا.
إضافة تعليق جديد