د: هدى رأفت
حتى إشتعال أحداث 25 يناير 2011 ، لم يكن أحد يعرف حازم عبد العظيم.. فالرجل بدرجة ما كان محسوباً على التكنوقراط ، وقد حصل على فرصة كبيرة مع تصعيد أحمد نظيف لرئاسة الحكومة في ضوء إنجازاته في البنية التحتية لقطاع الإتصالات، فصعد حاملاً معه عدداً من رجاله وخدمه المخلصين، وكان منهم حازم عبد العظيم.
.
■ بدأ حازم عبد العظيم رحلة المناصب التنفيذية الكبرى في 15 مايو 2007، بعد أن تم إختياره مستشاراً أول لوزير الإتصالات لشؤون التنمية التكنولوجية، وتولى منصب الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وظل فيها عدة سنوات موطداً علاقاته بهيكل الحكومة ورأسها، وكانت بوابته الأبرز للصعود هي السيدة زينب زكي سيدة قطاع الإتصالات التي فازت بقلب أحمد نظيف لتكون زوجته الثانية، إذ تلقفها حازم عبد العظيم ليصعد عن طريقها، وحتى يفوز بمودتها منحها كثيراً من المزايا والإجازات حينما كانت رئيساً لشركة الإتصالات المصرية، وتجاوز ما حصلت عليه "زينب في تسعة أشهر فقط " 869 ألف جنيه نظير حضورها إجتماعات الهيئة التي يرأسها حازم عبد العظيم ، بينما حصل الرجل نفسه على أكثر من مليون ومائتي ألف جنيه خلال فترة وجيزة بين يناير وسبتمبر 2010 حينما كان يشغل منصب رئيس هيئة تكنولوجيا المعلومات .
.
● وبالرجوع للسيرة الذاتية لحازم عبد العظيم ، نجد أن الرجل المولود في القاهرة عام 1960 قد تخرج من قسم هندسة النظم في جامعة القاهرة عام 1982، وحصل على الماجستير في الرياضيات التطبيقية سنة 1982، ثم على درجة الدكتوراه في التعرف على الأنماط والذكاء الاصطناعي سنة 1989 في جامعة القاهرة ثم حصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة ماستريخت بهولندا سنة 2003 ، كما حصل على شهادة مهنية في التحليل الفني لأسواق الأسهم والسندات، بالاٍضافة لعمله مدرساً مساعداً بقسم هندسة النظم والهندسة الطبية الحيوية بجامعة القاهرة في الفترة من 1982 حتى 1986 قبل عودته في عام 1993 ليتولى منصب أستاذ مساعد في الجامعة ، وفي الفترة بين عامي 1995 و1996، شغل منصب مدير الأبحاث والتطوير بشركة صخر للبرمجيات ، كما شغل منصب منسق لمشروعات تطوير الإنترنت حتى نهاية عام 1997.
.
● وبالتزامن مع صعوده داخل منظومة الإتصالات المصرية، كان حازم عبد العظيم مستمراً في تدشين مشروعاته الخاصة، وتوطيد علاقاته بأطراف أخرى، فأسس شركة خاصة للنظم والمعلومات بإسم "CIT" للبرمجيات
.
● في عام 2009 ، ومع بدء الحكومة في تدشين مشروع قاعدة بيانات السجل المدني للمواطنين ، فقد تمت ترسية تلك العملية بطريقة مريبة على الشركة الخاصة التي أسسها و يملكها حازم عبد العظيم ، ولكن نظراً لكون المشروع يفوق قدرات تلك الشركة ، فقد حاول حازم البحث عن شريك أجنبي قوي ليعمل معه من الباطن في ذلك المشروع الكبير والخطير على الأمن القومي في نفس الوقت
.
● وهنا تلقفته يد الموساد ، حينما وجدوه يلهث وراء إنجاز ذلك المشروع بأي شكل وأي ثمن ، فرتبوا له لقاءاً سرياً مع المدعو «نافاتالي باتوتستي»، رئيس شركة «أوران» الإسرائيلية المتخصصة في البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات بفندق ريتز كارلتون العريق بمدينة لندن
.
● وفي 12 يونيو 2009 إلتقى حازم مرة ثانية بالمدعو «نافاتالي باتوتستي»، رئيس شركة «أوران» الإسرائيلية، ولكن كان اللقاء في هذه المرة على أرض مدينة طابا على الحدود المصرية الإسرائيلية.
.
● ولكن هذه اللقاءات لم تكن بعيدة عن أعين رجال المخابرات المصرية الذين رصدوا تلك اللقاءات وإكتشفوا أن البرامج التي قدمتها شركة حازم عبد العظيم للحكومة المصرية هي في حقيقة الأمر برامج من إنتاج شركة «أوران» الإسرائيلية المسؤولة عن تصنيع وتطوير أجهزة كشف الكذب في إسرائيل والتي أسسها مجموعة من قدامى المحاربين في الجيش الإسرائيلى ووزارة الدفاع، وكذلك ضباط سابقين في جهازي الشابك "الأمن العام الإسرائيلي" والشين بيت ، وشعبة الإستخبارات العسكرية "آمان"
أي أن حازم عبد العظيم قد منح أسرار مصر ومواطنيها لإسرائيل على طبق رخيص من الشراكة والمصالح الشخصية.
.
● وبفحص البرمجيات المقدمة من شركة حازم عبد العظيم تبين أن بها ثغرة أو باباً خلفياً Back door يسمح لشركة «أوران» بالولوج لكافة بيانات المصريين ، ومنها يتم الدخول إلى كافة بيانات ومعاملات الدولة الإلكترونية ، وهو ما تسبب في وقف برنامج الحكومة في العمل بالحكومة الإلكترونية التي كان يتم إنشائها ، وقد قام المتخصصون في القوات المسلحة والمخابرات العامة بإغلاق تلك الثغرة الإلكترونية ومنع الإختراق ، ولكن هذا كلف مصر سنوات من التراجع في بناء منظومة إلكترونية حديثة يتم التعامل من خلالها مع كافة المعاملات الحكومية الرسمية .
.
■ وفي عام 2011 ، ومع تصاعد موجات أحداث 25 يناير، سعى حازم عبد العظيم للفوز بمساحة ظهور سياسية، ونظراً لظروف الإرتباك وتداخل مفاتيح اللعب نجح حازم في النفاذ من بوابة الجمعية الوطنية للتغيير، فوصل إلى محمد البرادعي ، ووطد علاقته بالرجل، الذي قال عنه في تغريدة: "عندما قابلت الدكتور البرادعي حصل تحول كبير فى شخصيتي من شخص علمي أكاديمي إلى شخص أكثر إيجابية"، ورد البرادعي التحية بأحسن منها، قائلاً عن "عبدالعظيم": "إن الوطنية تسيل من كل جزء منه"
.
■ ومع تشكيل أول حكومة بعد الثورة برئاسة عصام شرف في يونيو 2011، كان إسم حازم عبد العظيم مطروحاً بقوة ويلاقي إستحساناً واسعاً بين القوى الثورية في الميدان كوزير للإتصالات ، وتم إختياره بالفعل لتولي هذا المنصب ، ولكن قبل حلف اليمين بساعات قليلة ، وصلت المعلومات من الأجهزة السيادية عن العلاقة المشبوهة لحازم عبد العظيم وشراكته مع الإسرائيليين ، فتم إستبعاده من التشكيل الوزاري في اللحظات الإخيرة بعد أن قابله عصام شرف وهنأه شفهياً بتولي المنصب .
.
● وقد كشف الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء الأسبق، أن حازم عبد العظيم قد إعترف له أنه يمتلك بالفعل نسبة فى شركة إتصالات لها تعاون مع شركة «أوران» الإسرائيلية، ثم أضاف قائلا: "رغم أن الدكتور حازم له قبول شعبي ، وعمله السياسي والتقني عالٍ ، إلا أن أي أمر يتعلق بالعدو الإسرائيلي نبتعد عنه لنحميه ونحمي أنفسنا".
.
● ومن هنا ، جاء كره حازم عبد العظيم للجيش المصري وللمجلس العسكري بشكل هيستيري ، وهو ما دفعه للتحريض الدائم ضد المجلس العسكري عبر منصة تويتر بعد أن إعتبر أن المجلس العسكري يتجه متعمدًا لإجهاض ثورة يناير
.
■ ومع وصول الإخوان للحكم ، بدأ حازم في التقرب منهم أملاً في الفوز بالمنصب الوزاري من جديد ، فتواصل حازم عبد العظيم مع الإخوان، ودعم محمد مرسى وجماعته في حملتهم المسيئة للجيش المصري، بل كان طرفاً مباشراً في ترتيبات إجتماع فندق فيرمونت الشهير ، فدعا في الجولة الثانية من إنتخابات الرئاسة المصرية عام 2012 إلى وحدة الصف ودعم محمد مرسي مرشح «الإخوان» ، في مواجهة الفريق أحمد شفيق، للوقوف «ضد نظام مبارك العسكري»، حسبما قال آنذاك.
.
● ولكن مع تشكيل الحكومة الإخوانية برئاسة هشام قنديل و إستبعاد حازم من أي منصب وزاري ، إنقلب عليهم مرة أخرى وأخذ يحرض ضدهم ، وأصبح من أشد معارضي مرسي، وبحسب مصادر مقربة منه هاتفه وقتها القيادي الإخواني محمد البلتاجي ، و هدده بفضح ملفات تعاملاته مع الإخوان وقيادة حملة إعلامية لفضحه وكشف أسراره، فتراجع "عبدالعظيم" مؤقتاً ، ولكن مع تصاعد موجة رفض الإخوان وتدشين حركة تمرد، عاد ليركب الموجة حتى تم إستدعاؤه من قبل النائب العام «الإخواني»، المستشار طلعت عبد الله، بقرار ضبط وإحضار مع النشطاء علاء عبد الفتاح وأحمد دومة وكريم الشاعر وأحمد عيد وحلمي غنيمي، بتهمة التحريض على اقتحام مقر جماعة الإخوان المسلمين بحي المقطم بالقاهرة ، إلا أنه رفض مع بقية النشطاء المثول للتحقيق... وبعدها برز إسمه كواحد من أشد الداعين لثورة 30 يونية ضد حكم الإخوان
.
● وبعد الإطاحة بمرسي عقب مظاهرات ثورة 30 يونية المليونية وبيان الجيش الشهير في 3 يوليو، أصبح «عبدالعظيم» من أشد مؤيدي المشير عبدالفتاح السيسي، وفي 27 يناير 2014 كتب «مبرووووووووك لمصر. قضي الأمر، #السيسي #مصر» مؤكدا أن السيسي هو أمل مصر وفرصتها للنجاة من حالة التراجع والإستقطاب السياسي ، وداعياً لقتل كل الإخوان فى الشوارع .
.
■ وفي هذه الفترة من عمر الوطن ، إنقلب حازم المشتاق مرة أخرى - مدفوعاً بأطماع وأغراض شخصية بحتة - على كل من كان يعتبرهم رفقاء الميدان في وقت سابق ، فقال عن البرادعي الذي إمتدحه بالأمس أنه «يسير على الخط الأمريكي وأردوغان وقطر».
.
● وواصل حازم عبدالعظيم معاركه الكلامية مع العديد من النشطاء السياسيين وآخرين من المناهضين لترشح المشير عبدالفتاح السيسي للرئاسة، بعدما إنتقل من مواقع المظاهرات المناهضة لحكم المجلس العسكري و«الإخوان» إلى ساحات شبكات التواصل الإفتراضية للدفاع عن حق المشير في الترشح ، فخاض معركة حامية ضد أحمد ماهر المنسق العام السابق لحركة 6 إبريل عندما قال له في 21 نوفمبر الماضي: «لست أشرف من سميرة إبراهيم، التي تأذّت أكثر مني أيام طنطاوي وعنان ولم تتاجر أو تنتقم، لأنها بنت وطنية، وعارفة يعني إيه جيش مصر»، ووقتها قال «ماهر» موجهًا حديثه إلى «عبدالعظيم» على «تويتر»: «على فكرة نفس السيسي ونفس المجلس العسكري إتهموك أنت شخصيًا ومنعوك من تولي الوزارة، التطبيل ليهم دلوقت مش هايفيدك».
.
■ وحين شكّلت الحملة الرسمية الداعمة لترشح المشير عبدالفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية لجنة للشباب، نجح حازم عبد العظيم في تولي منصب أمينها العام، وضمت في عضويتها نشطاء سياسيين آخرين ، من بينهم النائب محمود بدر، منسق حملة «تمرد»، وطارق الخولي، مؤسس حزب 6 إبريل تحت التأسيس ، ومحمد بدران، وكريم السقا، وحسام حازم».
.
■ ومع تشكيل المهندس إبراهيم محلب لحكومته الأولى، حاول حازم الحصول على حقيبة الإتصالات في فترة الرئيس المؤقت عدلي منصور، ولكن رُفض طلبه أيضاً بسبب الشبهات الأمنية، فأيقن أن عليه الرهان على مرحلة أخرى.
.
■ وبعد إنتهاء إنتخابات الرئاسة عام 2014 وفوز المشير السيسي بها ، ومع تشكيل حكومة محلب الثانية ثم حكومة شريف إسماعيل ، خرج حازم عبد العظيم مرة أخرى من دائرة المرشحين بسبب علاقته بإسرائيل أيضاً ، فإنقلب على موقفه كالعادة بعد أقل من مرور سنة على حكم السيسي بعد أن إكتشف أنه أتى ليخلص الدولة من الفاسدين والمفسدين، فبدأ الرجل حملة هجوم على الإدارة المصرية والحكومة منتقداً النظام الحاكم وحكومة المهندس شريف إسماعيل، وإمعانا في حالة التضليل حاول الرجل ترويج الأمر بإعتباره تحولاً عملياً في الموقف على خلفية سياسات إدارية وقرارات تنفيذية يراها خاطئة، وصرح قبل شهور، وتحديداً في يونيو 2017، بأنه نادم على المشاركة في حملة السيسي الإنتخابية ودعم ثورة 30 يونيو، وأنه يعتذر لمحمد مرسى والإخوان، وكان عليه العمل معهم بشكل أكثر جدية، متجاهلاً أنه عمل معهم بالفعل، وأنه لم ينقلب عليهم وإنما ركب موجة الثورة الشعبية ضدهم.
.
•• ملخص الحكاية أن هذا المخلوق المسخ صديق تل أبيب لا يتحرك بناءاً على قناعات أو مواقف حقيقية ، ولكنه يتحرك وفق مصالح شخصية بحتة، وإذا لم تتحقق كما يريد ويشتهي ، يعود أدراجه منقلباً على الجميع .
إضافة تعليق جديد