د . هدى رأفت
أثارت مداخلة هاتفية بالأمس للدكتور خالد مجاهد المتحدث بإسم وزارة الصحة مع الإعلامي عمرو أديب جدلاً كبيراً بين أفراد الشعب المصري ، لأنها تناولت الحديث عن إكتشاف مصنع لألبان الأطفال في محافظة الجيزة " بالصدفة " على حد وصفه !!
ما يخصني و سأتحدث عنه في السطور القادمة فقط هو الكلمة الأخيرة "صدفة " ، فوطن بحجم مصر لا شيء فيه يُترَك للصُدف أبداً ، و يمكننا إستبدالها بــ " مؤامرة " !!
مؤامرة أن يخرج تصريح بإكتشاف مصنع مصري وطني لإنتاج ألبان الأطفال بقوة إنتاجية 36 مليون علبة في السنة ، في حين أن إحتياجنا فقط 16 مليون علبة .
بعد فتح الملفات القديمة و ربط مجموعة من الأحداث ببعضها البعض ، وجدنا أن مصنع " لاكتو مصر " حاصل على 5 شهادات أيزو ، و يصدر إنتاجه كاملاً إلى عدد من الدول الأوروبية منها هولندا و التي تُعد من أشهر الدول في صناعة ألبان الأطفال ، فما هو السر وراء إختفاء سجلات ذلك الصرح الصناعي الوطني الضخم من ذاكرة و حياة وطن بأكمله ؟؟؟؟
من هنا بدأت " المؤامرة " التي نتحدث عنها من واقع ربط بسيط لمجموعة من المعطيات و الأحداث ببعضها البعض ليتم حل العديد من الألغاز لأزمات مفتعلة كادت تهز أرجاء الوطن .
تعود تفاصيل المؤامرة على لاكتو مصر منذ عام 2005 ، حيث إستيقظت مصر على سقوط عدد من الرضع و إصابتهم بحالات تسمم بعد تناولهم لوجبات من حليب " بيبي زان 1 " و الذي ينتجه "لاكتو مصر " ، و بفحص عينات الألبان وقتها و جد أنها تحمل ميكروباً خطيراً يؤثر على الجهاز العصبي للطفل بعد إصابة دم صاحبه بالتسمم ، و أوضحت العينات المعملية أن العبوات تحتوي على مادة الزرنيخ السام ، و عرفت وقتها بقضية " اللبن الزرنيخ " ، و توالت البلاغات الواحدة تلو الأخرى ضد المصنع حتى نجحت قوى الشر الخفية و أصحاب المصالح إلى غلقه في عام 2009 بأمر من د . حاتم الجبلي بدعوى سوء التخزين !!!!
و إختفى الإنتاج الوطني و حل محله الإستيراد بملايين الدولارات لصالح أباطرة المال و الأعمال ، و توالت الأيام و مضت السنون ، و تعاقبت الأحداث على وطننا الحبيب ، و سقطت الأقنعة ، و تهاوت حصون و قلاع عتاولة الشر ، ليصبحوا عرايا بلا أسوار تحميهم .
و خوفاً من إفتضاح أمرهم تم إفتعال أزمة نقص ألبان الأطفال و تخزينه و عدم ضخه في السوق المحلية ، لعل السبب الواضح و الجلي هو ضرب القيادة المصرية الحالية بيدٍ من حديد على الفساد بكل أشكاله و ألوانه ، و إجتثاث ما يقع منه تحت أيديهم من جذوره ، فكان التخبط حليفهم و التخفي وراء مؤامرتهم هو نهايتهم ، فقامت الدولة بإنهاء الأزمة عن طريق قواتنا المسلحة و إستيرادها لكمية كبيرة من ألبان الأطفال بنصف سعرها السوقي ، فكانت ضربة أخرى لمفاصل الشر المتغلغلة في كيان الوطن .
و لكن مهلاً ، هل يا ترى ما صرح به المتحدث بإسم وزارة الصحة بالفعل " صدفة " ؟؟ أم أنه تمهيد لإعادة الحق لأصحابه و إرساء مبادئ العدل في دولة هَرِمت من الظلم و عدم تحقيق العدل و المساواة ؟
أم أنه كشف حساب لكل من تورط و تآمر على هذا الوطن ، و أوان فرطِ حبات عقد الفساد و إنهاء تكاثره و وأد الوليد منه ؟ فقضية بهذا الحجم مُتَكَتم عليها منذ أكثر من 12 عاماً لن تُترك للـ "الصدف " أبداً ، فمن أنقذ وطناً من الضياع و الإنهيار و مازال يتصدى للبقية قبل خروجها من مهدها ، من المستحيل أن يترك شيئاً للـ "صدفة "
من وجهة نظري المتواضعة هي ضربة قاضية من قيادة حكيمة بسلاح العقل و الدهاء ، قاتِلهم بالتي كانت هي الداءِ .
أيها السادة :
إنتهى زمن الفساد ، إنتهى زمن معاملة الوطن على أنه تَرِكة تخص جماعة بعينها ، إنتهى و إنتهى كل ما كان يجثم على صدرك يا وطني و آن الأوان لأن تنتعش و أن يسري في أرجائك عرق و كد أبنائك أولاً و من ثَمّ تأتي البقية الباقية إن كان لها في جنباتك مكان .
هذه كلماتي ، بعقلي و أفكاري ، و على الله إتكالي ، أهواك يا وطني و بقلمي أحميك و لا أبالي .
إنتهى ....
إضافة تعليق جديد