جدول أعمال جرئ لخطوات جادة تضعه منظمة الأمم المتحدة لطرحه في المؤتمر العالمي للمياه، المقرر انعقاده في الفترة من 22 إلى 24 مارس2023 بمقر المنظمة في نيويورك، حيث أكد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة أهمية هذا المؤتمر، منوها على ضرورة التزام دول العالم وتعاونها للحفاظ على مواردها المائية، لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي بات جليا تعثر بعضها بسبب؛ خروج التنمية المائية عن مسارها الصحيح، وأصبح العالم أجمع مطالبًا بضرورة التعاون ليس فقط من أجل الانتباه لترشيد موارده المائية والحفاظ عليها بل وتنميتها أيضا.
هذا، وتعد المياه النظيفة والمتاحة أمرًا بالغ الأهمية لصحة الإنسان والبيئة التي يعيش بها، كما أنها أمر ضروري للحد من الفقر وبناء اقتصاد مستدام، وعلى الرغم من ذلك، فإن أكثر من 40٪ من سكان العالم لا يحصلون على ما يكفي من المياه النظيفة. ومن المتوقع أن يعيش 1.8 مليار شخص في بلدان أو مناطق تعاني من ندرة شديدة في المياه بحلول عام 2025، وذلك وفقًا للجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية.
استمرار انخفاض نصيب الفرد من الموارد المائية العذبة المتجددة عالميا:
يُقصد بتدفقات موارد المياه العذبة الداخلية المتجددة أنها تدفقات الأنهار الداخلية والمياه الجوفية من الأمطار في الدولة، وتقدر منظمة اليونسكو أن استهلاك المياه في البلدان النامية (آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية) يمثل 50-100 لتر فقط (13 إلى 26 جالونًا) للفرد في اليوم، وتزيد المعاناة في المناطق ذات الموارد المائية غير الكافية، فقد يصل هذا الرقم إلى20-60 لترًا (5 إلى 15 جالونًا) في اليوم، بينما تزيد نسبة النصيب اليومي للفرد من المياه في الدول المتقدمة لتصل إلى 10 أضعاف.
وقد تسبب كل من النمو السكاني والتنمية الصناعية والتوسع في الزراعة في زيادة الطلب على المياه خلال القرن الماضي، وتقدر الأمم المتحدة أن العديد من مناطق العالم تعاني بالفعل من ضغوط على توافر المياه، وذلك بسبب تسارع وتيرة النمو السكاني وزيادة احتياجات السكان من المياه، ومن المتوقع أن يستمر هذا الوضع في التدهور.
وتعد البلدان النامية هي الأكثر تضررا من نقص المياه وسوء نوعيتها، حيث يرتبط ما يصل إلى 80٪ من الأمراض في العالم النامي بعدم جودة المياه وعدم توافر الصرف الصحي، كما يؤدي التلوث البيئي وارتفاع مستوى سطح البحر إلى تلويث مصادر المياه في العديد من البلدان. وستعتمد قدرة البلدان النامية في توفير المزيد من المياه للاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية على إدارة أفضل لمواردها المائية والمزيد من التخطيط والتكامل عبر مختلف القطاعات.
وجدير بالذكر أن اليوم العالمي للمياه هذا العام، الذي يتم الاحتفال به في شهر مارس، يستهدف العمل على إحداث تغير سريع لحل أزمة المياه والصرف الصحي من أجل حياة نظيفة، والنظر في عقد العمل المائي ومعوقات تنفيذه، بالإضافة لتنظيم أسبوع المياه في نيويورك قُبيل انعقاد المؤتمر المشار إليه سالفا، بداية من 18 مارس 2023؛ من أجل إتاحة الفرصة أيضا لأفراد المجتمع المدني وأصحاب المصلحة والشركات الخاصة للحضور الفعلي أو الافتراضي عبر الإنترنت للمشاركة في هذا الحدث العالمي، وطرح الحلول والأفكار حول أزمات الموارد المائية، من أجل خلق مستقبل مائي آمن للجميع.
أهمية الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة بشأن المياه والصرف الصحي:
بالرغم من أن المياه عامل مشترك لكثير من الأزمات التي يواجهها العالم، مثل: تغير المناخ، أو الصراعات في بعض الدول حول الموارد المائية، أو تهديد للأمن الغذائي لارتباطه الوثيق بالزراعة وغيرها، فإنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من الاهتمام العالمي بأزمة المياه، لذلك أدرجتها منظمة الأمم المتحدة بشكل واضح في أهدافها الإنمائية السبعة عشر، حيث جاء الهدف السادس تحت عنوان " المياه النظيفة والحياة الصحية"، كما دعت الأمم المتحدة دول العالم أجمع المتقدمة منها والنامية إلى تبني أهدافها الإنمائية، من أجل تعزيز الازدهار وحماية الكوكب.
وحظي الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة بأهمية كبيرة، للوقوف حول حلول مبتكرة لما يواجه العالم من أزمات مائية، وهو ما جعل لهذا الهدف عدة مقاصد تأمل منظمة الأمم المتحدة تحقيقها بحلول عام 2030، أبرزها: ضرورة حصول الجميع على مياه شرب نظيفة بشكل منصف وميسور وآمن، وصرف صحي جيد من أجل حياة صحية جيدة في ظل من يعيشون في أوضاع هشة تجبرهم على التغوط في العراء، ووضع حد لتلوث المياه بكافة أشكال الملوثات، ومعالجة مشاكل الشح المائي ومَن يعانون مِن ندرة المياه، بالإضافة إلى زيادة كفاءة استخدام المياه العذبة، ودعم المجتمعات ومشاركتها في حسن إدارة مواردها المائية، مع ضرورة النظر في حماية وترميم النظم المائية للأنهار والمياه الجوفية، بالإضافة لوضع عقد عمل مائي ببنود خاصة تتم متابعتها والعمل على إزالة معوقات تنفيذه.
وبخصوص تقييم المقاصد المرجوة من الهدف السادس لأهداف التنمية المستدامة، فقد جاءت النتائج غير مرضية، فبالرغم من المؤشرات الجيدة لبعض النسب المئوية، فإنها تظل ضئيلة وفقا للأمم المتحدة، بالإضافة لتفاقم الوضع جراء انتشار كوفيد-19، حيث سجلت الفترة من 2015 – 2020، فيما يخص المقصدين الأول والثاني للهدف السادس المتعلق بالمياه النظيفة والصرف الصحي، ارتفاعا في نسبة السكان ممن يستخدمون مياه الشرب الصالحة بأمان من 70 إلى 74%، بينما ارتفعت نسبة خدمات الصرف الصحي من 47% إلى 54%، وارتفعت نسبة استخدام المياه والصابون من 67% إلى 71%، أما بخصوص المقصد الثالث للهدف السادس فبلغ نسبة من لا تتم معالجة مياه الصرف المنزلية لهم بأمان 44%، وذلك لما يقرب من 25% من دول العالم، وفي المقابل أبلغت 89 دولة أن 60% من مواطنيها يتمتعون بنوعية جيدة من المياه المستخدمة، أما عن المقصد الرابع من الهدف السادس والمتعلق بزيادة كفاءة استخدام المياه وضمان إمداد المياه العذبة، فقد زادت كفاءة استخدام المياه بنسبة 10٪ بين عامي 2015 و 2018 بينما أبلغت 26 دولة عن انخفاض كفاءة استخدام المياه خلال تلك الفترة.
وفي المقصد الخامس المعني بتنفيذ الإدارة المتكاملة لموارد المياه تم رصد 107 دول خارج المسار الصحيح لإدارة المياه على نحو مستدام بحلول 2030، وفيما يتعلق بالمقصد السادس (بند- أ) بخصوص دعم المياه والصرف الصحي للبلدان النامية، فعلى الرغم من ارتفاع المساعدات الإنمائية بنسبة 9% في الفترة من 2015 وحتى 2019، فإن المدفوعات الفعلية في هذا البند ظلت ثابتة بقيمة 8,8 مليارات دولار أمريكي، وفيما يتعلق بالمقصد السادس (بند- ب) الذي يطمح بدعم المشاركة المحلية في إدارة المياه والصرف الصحي تُفيد التقارير التي قُدمت من 109 دول أن 14 دولة منها فقط هي من تمتع بمشاركة المجتمع المحلي في إدارة المياه بشكل مستدام.
إضافة تعليق جديد