بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، الحمد لله بارئ النسم، ومحيي الرمم، ومجزل القسم، مبدع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينا رضيّا، ونورا مضيّا، أحمده وقد أسبغ البر الجزيل، وأسبل الستر الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبد آمن بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه صلاة وسلاما دائمين ممتدين إلى يوم الدين أما بعد إن من أفضل صورة للتعزية هي إختيار النبي عليه الصلاة والسلام، هذا قرار العلماء، وحصل إختياره عندما قبض حفيده فأرسل لابنته بقوله "إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب" وهذا لفظ من الألفاظ، فلو قال " أعظم الله اجرك على مصيبتك" لكان مستنا بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، على أي وجه حسن كان.
وأهمه هو ما يدخل في المواساة لا حجر على لفظ وكذلك المعزّى، ويبدأ وقت التعزية بوقوع المصاب، ولاينتهي وقتها، فمتى ما علم بالمصاب شرع له التعزية، وهذا رأي جمهور الفقهاء، ويكون التعزية بعد الدفن إن كان في حالة موت وهذا أفضل، لإنشغالهم بدفنه إبتداء ولشعورهم بفراقه انتهاء، أما لمن علم عند وقوعها ففي الايام الثلاثة الاولى أفضل لكراهة تجديد المصاب الذي ينسى غالبا بعد أيامه الثلاث وجاز بعدها لمن لم يكن عالما بالمصاب، ومن أحكام التعزية هو صنع الطعام حيث اتفق العلماء على أن صنع الطعام سنة وقربة من القربات وهي ان كانت تصنع لاهل الميت، لأمر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك في آل جعفر رضي الله عنه وأرضاه، ففيه الإعانة لهم والجبر لقلوبهم، اما صنعه للناس فمكروه عند عامة اهل العلم، إلا اذا كانت هناك حاجة في ذلك ملحة على قول آخرين.
كأن يكون القادمون للعزاء من أماكن بعيدة، فيدخل في مدخل الضيافة لهم وأما الذي يسري مسرى الخيلاء والفخر فمقطوع بحرمته، ولقد كرّه العلماء تغيير الهيئة لإظهار الحزن وإبداء الجزع ، فهو منافي للصبر الواجب على أقدار الله تعالى والإستسلام لقضائه، والاولى بصاحب المصيبة البقاء على سجيته وطبيعته رضا وتسليما، وكما أن من أحكام التعزية هو مراثي الأموات وتأبينهم، والرثاء هو بكاء الميت بعد موته ومدحه بتعداد المحاسن، وأجاز الجمهور رثاء الأموات بشرط أن يكون مذهبا للأحزان ، مثنيا على الرب سبحانه، فهي أشعار بالرضا عما قضى الله، خاليا مما حرم الشرع مما سبق ذكره وينطبق هذا على التأبين فهو مترادف في معناه بالرثاء، وإنه ينبغي علي المسلمين أن يتركوا الأمور المحدثة من إقامة السرادقات المكلفة وإقامة الإحتفالات بحالات الوفاة وعمل السهرات والأمسيات.
لأن ذلك أولى بهم عند الله تعالي وهو أولى بالنسبة للميت أيضا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وبنياحة أهله عليه ومعنى يعذب أي يتألم من هذا البكاء وهذه النياحة وإن كان لا يعاقب عقوبة الفاعل لأن الله تعالى يقول " ولا تزر وازرة وزر أخري" ولا يلزم من العذاب أن يكون عقوبة، ألا ترى إلى قول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم "السفر قطعة من العذاب" وليس السفر عقوبة، بل إن الألم والهمّ وما أشبه ذلك يعد عذابا ومن كلمات الناس العابرة قول عذبني ضميري، إذا إعتراه الهمّ والغمّ الشديد، والحاصل أنني أنصح إخواني عن مثل هذه العادات التي لا تزيدهم من الله إلا بعدا ولا تزيد موتاهم إلا عذابا"
إضافة تعليق جديد