بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 11 يناير 2025
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رجب المحرم وقيل إن شهر رجب ذكر له ثمانية عشر اسما، من أشهرها هو الأصم، وذلك لعدم سماع قعقعة السلاح فيه، لأنه من الأشهر الحرم التي حُرم فيها القتال، وأيضا إسم الأصب، وذلك لإنصباب الرحمة فيه، وإن فضل رجب داخل في عموم فضل الأشهر الحرم التي قال الله فيها " إن عدة الشهور" وعينها حديث الصحيحين في حجة الوداع بأنها ثلاثة سرد، أي بمعنى متتالية، وهم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد وهو شهر رجب وقيل رجب مُضر، الذي بين جمادى الآخرة وشعبان.
وليس رجب ربيعة وهو رمضان، ومن عدم الظلم فيه عدم القتال فيه، وذلك لتأمين الطريق لزائري المسجد الحرام، كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة التوبة " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجتموهم" ومن عدم الظلم أيضا عدم معصية الله تعالى فيه، وقد إستنبط بعض العلماء من ذلك دون دليل مباشر من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفه، نص عليه جواز تغليظ الدية على القَتل في الأشهر الحرم بزيادة الثلث، وإن من مظاهر تفضيل الأشهر الحرم بما فيها شهر رجب هو ندب الصيام فيها، كما جاء في حديث رواه أبو داود من مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال له بعد كلام طويل "صم من الحرم واترك، ثلاث مرات، وأشار بأصابعه الثلاثة، حيث ضمها وأرسلها والظاهر أن الإشارة كانت لعدد المرات لا لعدد الأيام"
فالعمل الصالح في شهر رجب كالأشهر الحُرم له ثوابه العظيم، ومنه الصيام، ويستوي في ذلك أول يوم مع آخره، وقد قال ابن حجر، إن شهر رجب لم يرد حديث خاص بفضل الصيام فيه، لا صحيح ولا حسن، وقيل له رجب لأنه كان يرجب، أي بمعنى يعظم، وأضيف إلى مُضر، لأن قبيلة مُضـر كانت تزيد في تعظيمه واحترامه، وله غير هذا من الأسماء التي تدل على شرفه، وإن الواجب على المسلم أن يعرف قدر هذا الشهر الحرام، ذلك لأن معرفته وتعظيمه "هو الدين القيم" أي المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، ولا ضلال، ولا انحراف، وكما يجب عليه أن يحذر من المعصية فيه فإنها ليست كالمعصية في غيره، بل المعصية فيها أعظم، والعاصي فيه آثم، كما قال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة البقرة "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير"
أي ذنب عظيم، وجرم خطير فهو كالظلم والمعصية في البلد الحرام الذى قال الله عز وجل فيه كما جاء فى سورة الحج " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " ومن هنا قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما في تفسير قوله تعالى " فلا تظلموا فيهن أنفسكم" كما روى الطبري في تفسيره، فى كلهن، ثم إختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم، وعن قتادة رحمه الله قال إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواه، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يُعظم من أمره ما شاء.
وقال إن الله أصطفى صفايا من خلقه، فأصطفى من الملائكة رسلا، ومن الناس رسلا، وأصطفى من الكلام ذكره، وأصطفى من الأرض المساجد، وأصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالى ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله تعالى عند أهل الفهم والعقل.
إضافة تعليق جديد