بقلم د.محمد عبد العزيز
كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الافريقية
يتضح جليا من قراءة مقدمات الحروب الدائرة في مناطق متفرقة حول العالم مثل سوريا ، السودان ، اليمن ، غزة ، ليبيا وأوكرانيا أنها متداخلة وذات صلة للتخفيف على كل طرف من أطراف الصراع الكبرى وهما روسيا من جانب والناتو من جانب آخر بحيث أصبحت أهم ملامح تلك الحرب العالمية الثالثة تتمثل في التوافق الأمريكي الإسرائيلي وغرب أوروبا مع كلا من كوريا الجنوبية واليابان وتركيا والخليج العربي من جانب وعلى الجانب الآخر التوافق بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران وسوريا وسوف تتخذ بقية دول مجموعة البريكس خاصة الدول الكبرى مثل مصر والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا موقف الحياد قدر المستطاع في هذه الحرب العالمية الطاحنة .
لذلك يمكن وصف ملامح الحرب العالمية الثالثة بين قراءة المقدمات وتوقع النهايات كما يلي :-
. تسعى الدول الكبرى إلى نقل الجانب الأكبر من الصراع إلى منطقة الشرق الأوسط والقرن الافريقي .
. دول الخليج العربي لا يمكن أن تقف على الحياد طويلا وسوف تتورط في دعم الناتو وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بسبب اعتماد دول الخليج على القواعد العسكرية الأمريكية والسلاح الأمريكي فضلا عن العلاقات التاريخية والاقتصادية الكبيرة بين الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية .
. دول الخليج العربي الأصغر تعدادا سكانيا والأصفر مساحة مقارنة بالمملكة العربية السعودية سوف تسعى للتمدد خارج أراضيها في أراضي عربية وافريقية قريبة منها حيث الأراضي الصالحة للزراعة والموارد المائية وحيث المعادن الثمينة مثل الذهب وهذا يفسر دعم بعض دول الخليج للمليشيات المسلحة في السودان ضد الجيش السوداني ويفسر دعم بعض دول الخليج لنظام اثيوبيا ضد الأقاليم والعرقيات الإثيوبية التي لا تعترف بالنظام الحاكم في اثيوبيا ويفسر أيضا دعم بعض دول الخليج لإقليم أرض الصومال الانفصالي في دولة الصومال فهنا تدعم النظام غير المعترف به من شعبه وهنا تدعم جزء من الشعب يريد الانفصال عن وطنه الأم إنها لعبة المصالح التي تهدد استقرار وأمن دول تاريخية كبرى مثل مصر والسودان وللأسف لا يوجد في عالم السياسة اليوم أي إحترام للجوانب الدينية والثقافية المشتركة فحتى شقيقك سوف يقوم بالاضرار بمصالحك ليحتفظ أو يحقق القدر الأكبر من مصالحه كما يظن .
. يصف أصحاب الفكر الصهيوني من البروتستانت الأمريكان والإسرائيليين اليهود كلا من روسيا والصين بأنهم أقوام يأجوج ومأجوج وأنه يجب القضاء عليهم في حرب نهاية العالم هرمجدون ليكي يأتي ويحكم المسيح المنتظر وفقا لمعتقدهم الصهيوني والذي يتعارض مع تعاليم الدين اليهودي حيث لا يسمح الدين اليهودي لا بقدوم اليهود من شتات الأرض إلى أرض الميعاد قبل قدوم المسيح ولا يسمح كذلك بإقامة دولة دينية خالصة لليهود فقط قبل قدوم المسيح المنتظر والا فماذا سوف يفعل المسيح المنتظر عند قدومه ؟ وعليه فإن الفكر الصهيوني يعتمد على الترويج لفكرة استعمارية استيطانية سياسية على أساس أنها فكرة دينية لكي يمرر أعمال القتل وسرقة الأرض بشكل خادع للشعوب وهو أمر أصبحت ترفضه الشعوب في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لذلك يتم استخدام ميليشيات مسلحة تحارب باسم الإسلام والمسلمين للإمعان في تشويه صورة الإسلام والمسلمين وبالتالي تعود كمسيحي أو يهودي في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لدعم الجانب المظلم الصهيوني الذي تسبب في كل هذا العبث من البداية فضلا عن أن تلك التنظيمات المتطرفة الإرهابية تحارب بالوكالة لإضعاف ما تبقى من جيوش نظامية وإدارة دول وحكومات في الدول العربية والإسلامية .
. ساحل البحر الأبيض المتوسط المطل على كلا من جنوب لبنان وغزة مليء بالغاز الطبيعي لذلك تسعى إسرائيل لإجبار حزب الله على إخلاء جنوب لبنان وتهجير سكان غزة لكي تنعم بالغاز الطبيعي هناك وهي مدعومة تماما من الجانب الأمريكي فالصهيونية الأمريكية والإسرائيلية كيان واحد وتخطيط واحد وطوال أكثر من عام مضى منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن امريكا تقدم كل ما يضمن أمن إسرائيل المزعوم على حساب أمن كل دول الشرق الأوسط بل والعالم أجمع مما دفع لوجود تضارب مصالح بين أمن إسرائيل وأمن قوات روسيا في سوريا وتطور الصراع ليبدأ قبل رحيل بايدن عن السلطة وقف وهمي لإطلاق النار في جنوب لبنان وفي نفس اللحظة توثق قوات اليونيفل أكثر من ٥٠ خرق اسرائيلي للهدنة بالتزامن مع عملية عسكرية مدعومة من الناتو وتركيا ضد ما تبقى من قوات الجيش السوري العربي بهدف قطع الطريق على أي إمداد من إيران وروسيا إلى قوات حزب الله تأتي من سوريا إلى لبنان وبات واضحا أن التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان المحظورة وبدعم من أردوغان لا تخدم سوى الناتو وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية رغم أن أردوغان يصيح ليل نهار بالكلمات فقط ضد إسرائيل ورغم أن تلك التنظيمات المتطرفة والمحظورة تطوالت على مصر وجيشها لمدة تزيد عن عام كامل بهدف دفع الجيش المصري لأي عمل عسكري ضد اسرائيل دعما لغزة وها هي تلك الأفواه تهلل وتمدح الحرب ضد بشار الأسد حتى وإن كانت كلها في مصلحة إسرائيل والناتو والولايات المتحدة الأمريكية فهل تلك الجماعات المتطرفة والمحظورة تمت للعقل والاسلام بأي صلة ؟!؟!
ومن الجدير بالذكر أنه وقبل أن يدخل ترامب البيت الأبيض رسميا أتخذ قراره الأول ليس بالتضييق اقتصاديا على الصين وروسيا فقط بل بالتضييق على كل الدول خاصة دول مجموعة البريكس التي تسعى للتخلي عن الدولار الأمريكي في التعاملات التجارية ومن هنا يمكن التنبؤ بأن ترامب سوف يعتمد أسلوب الحرب بالوكالة عن طريق المنظمات المتطرفة والمحظورة والمليشيات الانفصالية المدعومة من الغرب مثل الدعم السريع والذي يصف قادة الدعم السريع أنفسهم بأنهم مثل إسرائيل فهل من عاقل يرد لهؤلاء الحمقى الصاع صاعين وأيضا سوف يعتمد ترامب أسلوب العقوبات الاقتصادية ولكن هل ستنجح روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران وسوريا في تخطي الميليشيات المسلحة المدعومة من الناتو وهل يستطيعوا التغلب على العقوبات الاقتصادية وهل ستستطيع الدول التي تستعد للحرب لكنها لا تريد أن تتورط فيها مثل مصر والهند والبرازيل وجنوب افريقيا هل ستستطيع عبور ذلك النفق المظلم بأقل الخسائر حتى يتم مخاض النظام العالمي الجديد وإلى أي مدى تستطيع مصر التصدي للحروب والمؤامرات من حولها في كل إتجاه في إقليم أصبح جزء أصيل من الحرب العالمية الثالثة وإلى أي مدى تستطيع مصر التصدي لمؤامرة تصفية غزة من أهلها وهو أمر ليس بالهين في ظل كل ذلك التصعيد العالمي والإقليمي هذا ما ستكشفه الأيام والأحداث في المستقبل ، حفظ الله مصر شعبا وجيشا ، تحيا مصر ، تحيا مصر ، تحيا مصر .
إضافة تعليق جديد