الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد إن القلوب إذا تطهرت بالطاعات، وألفت عبادة الله سبحانه وجدت من الراحة والطمأنينة ما لا يمكن وصفه، وهذا ما يفسر به ما يكون من إقبال الناس في مواسم الطاعات على ربهم جل وعلا، فإنهم يتلذذون بهذه الطاعات، فالصيام غير شاق عليهم، والقيام محبوب عندهم، ويلزمون المساجد، ويكثرون تلاوة القرآن، ذلك أنهم وجدوا لذة وراحة وطمأنينة أغرتهم وشجعتهم على أن يستمروا في هذا الطريق، وهذا الذي يتعين على المؤمن أن يحافظ على هذه النعمة.
وهذا الكنز الكبير، وأن يحذر من أن ينكص على عقبيه بعد أن عرف الإسلام وراحته، وعرف الصلاة وطمأنينتها والصيام وشرفه، وتلاوة القرآن وعظمته، وغير ذلك من العبادات، كيف ينكص عنها ويتولى وقد عرف الخير العظيم فيها؟ والله سبحانه وتعالي يثني على عباده المؤمنين الذين حصلوا هذه الطاعات بأنهم يحافظون عليها، ولا يزالون مزدادين في الخيرات والقرب من طاعته سبحانه، يثني عليهم بذلك أن الخير وحب الطاعة صار ديدنهم، وصار هو المطلب الأول عندهم، فإنهم كما قال الله تعالي " من خشية ربهم مشفقون " والمعنى أن في قلبهم خوفا من الله عز وجل وتعظيما ليوم المرجع إليه، مع رقة تحصل كلما تذكروا الرجوع إليه جل وعلا، فهم معظمون لهذا اليوم، يخشون فيه الخزي بعذاب الله وسخطه.
والمعنى أنهم دائمون في طاعة الله جل وعلا، جادون في مرضاته، ولذلك لا يزالون يوالون الحسنات والطاعات، وكلما زلت بهم القدم في شيء من السيئات، بادروا إلى التوبة إلى ربهم سبحانه، ولكن ما حكم إتباع شيخ الطريقة وحضور الحضرات التي يقيمها لذكر الله تعالي؟ فالجواب هو أنه لا يجوز الإنتساب إلى هذه الطرق البدعية وما شابهها من الطرق، ولا يجوز إتباع هؤلاء المشايخ الذين يقومون على هذه الطرق وأئمة البدعة المخالفين للسنة، كما أنه لا يجوز حضور حضراتهم التي يزعمون أنهم يقيمونها لذكر الله، لما تتضمنه من الشرك بالله العظيم، والأوراد المبتدعة والأذكار غير المشروعة، وعلى المسلم أن يحرص على تعلم السنة والعمل بها وليحذر من الإبتداع في الدين.
ولقد خلق الله عز وجل الخلق لعبادته، فقال تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" وأرسل إليهم رسولا من أنفسهم لتبليغ شريعته وإتباع منهجه والسير على طريقته ولنعبد الله كعبادته فلا طريق إلى الجنة إلا من طريقه، ولا نجاة من النار إلا باتباع شريعته قال جل في علاه " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" وقال سبحانه " ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما" وحذرنا المولى تبارك وتعالى من مخالفة أمر نبيه والتنكب عن هديه وسنته قال تعالى " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم"
إضافة تعليق جديد