موسم حج مميز واستثنائي.. استعدادات سعودية مكثفة لاستقبال ضيوف الرحمن

السيد عزب

أيام قليلة تفصلنا عن أداء مناسك فريضة الحج، التى ينتظرها ويتابعها سنويا بشوق بالغ أكثر من 1.8 مليار مسلم من جميع أنحاء العالم. ومع استمرار تفشى فيروس كورونا، قامت المملكة السعودية العربية، باستعدادات مكثفة على أعلى مستوى لضمان وسلامة راحة الحجاج. وبدا لافتا للنظر أنه لن يكون موسم الحج لهذا العام مشابها لما سبقه فى السنوات السابقة، لاسيما موسمى 2020 و2021 حيث يشهد موسم 2022 ، عدة خدمات وأحداث استثنائية تبشر بتنظيم المملكة لموسم حج مميز واستثنائى.

قد يكون الحدث الأبرز والذى رسم الفرحة على وجه الكثيرين هو، إعلان وزارة الحج والعمرة فى المملكة العربية السعودية رفع عدد حجاج موسم حج هذا العام 1443هـ/2022م إلى مليون حاج من داخل المملكة وخارجها، وذلك وفقًا للحصص المخصصة للدول، مع الأخذ بالتوصيات الصحية.

كان عدد الحجاج فى عام 2019، بلغ نحو 2،5 مليون حاج، لكن بعد تفشى فيروس كورونا فى عام 2020 سمحت السلطات السعودية لألف شخص فقط من داخل المملكة بأداء الفريضة، قبل أن يتم رفع العدد فى العام التالى إلى ستين ألفا ملقحين بالكامل، وجرى اختيارهم بواسطة القرعة. وسبق ذلك الكثير من الإجراءات الصحية كان أبرزها  إقدام المملكة العربية السعودية بإغلاق المسجد الحرام فى مارس 2020. 

وفى أكتوبر الماضى عاد المسجد ليستقبل المصلين بكامل طاقته الاستيعابية ومن دون أى تباعد، رغم أن وضع الكمامة لا يزال إلزاميا . 

وفى مارس 2022، أعلنت المملكة رفع معظم القيود بما فى ذلك التباعد الاجتماعى فى الأماكن العامة والحجر الصحى للوافدين الذين تم تطعيمهم، وهى خطوات ساعدت فى زيادة عدد الحاج هذا العام إلى مليون شخص .

وفقًا للضوابط التالية التى أعلنتها وزارة الحج والعمرة، وهى: أن يكون حج هذا العام للفئة العمرية أقل من 65 عامًا ميلاديًا، مع اشتراط استكمال التحصين بالجرعات الأساسية بلقاحات كوفيد-19 المعتمدة فى وزارة الصحة. وكذلك يشترط على القادمين للحج من خارج المملكة تقديم نتيجة فحص سلبى PCR لفيروس كورونا (كوفيد- 19) لعينة أخذت خلال 72 ساعة قبل موعد المغادرة إلى المملكة. 

وشددت وزارة الحج والعمرة على ضرورة التزام الحجاج بالإجراءات الاحترازية وإتباع التعليمات الوقائية خلال أداء مناسكهم حفاظًا على صحتهم وسلامتهم.

 ارشادات ودلالة

من ضمن الأحداث البارزة التى يشهدها موسم الحج لهذا العام تدشين وكالة الشؤون التوجيهية والإرشادية بالرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام، والمسجد النبوى ـ ممثلةً فى إدارة خدمات المطوفين ـ برنامج «إرشاد ودلالة» بالمسجد الحرام ويهدف إلى تقديم خدمات إرشادية ومكانية للحجاج باللغتين الفرنسية والأوردية من منسوبى الإدارة وبمشاركة المطوفين، حيث بلغ عدد المستفيدين من برنامج «إرشاد ودلالة» من 1 إلى 22 من شهر ذى القعدة 1443هـ نحو 24.596 مستفيدا. كما قامت الإدارة بتكثيف جهودها من خلال العاملين بها، لاستقبال حجاج بيت الله الحرام، بحزمة من البرامج فى مختلف المحاور على المستويين التوجيهى والإرشادى وأيضاً التنظيمى.

مطابخ مركزية

من ضمن الأحداث البارزة كذلك التى يشهدها موسم الحج لهذا العام عودة الوجبات والبوفيهات إلى ما كان عليه فى حج عام 1440هـ 2019 م، وذلك لتلبية رغبات ضيوف الرحمن. وذلك وفقا لما صرح به رئيس المجلس التنسيقى لمؤسسات وشركات خدمة حجاج الداخل المكلف ساعد الجهنى من أن تجهيزات الإعاشة لموسم هذا العام 1443هـ تسير وفق الخطة الموضوعة والمعتمدة منذ وقتٍ مبكر، إذ روعى فيها التنسيق والتواصل المستمر مع الجهات ذات العلاقة على غرار أمانة العاصمة المقدسة، التى باشرت تأهيل المطابخ بما يضمن وصول الأطعمة إلى ضيوف الرحمن بجودة عالية، إلى جانب المطابخ التى أنشأتها شركة «كدانة» لأول مرة هذا الموسم. ولفت ساعد الجهنى النظر إلى أن التنسيق مع أمانة العاصمة المقدسة لتحقيق ذلك قائم بشكلٍ لحظى، حرصاً على تقديم الغذاء بكفاءة عالية، مع أهمية أن يُقدم طازجاً، وذلك بتحضيره فى مطابخ مكة المكرمة، ومن ثم تجهيزه فى المشاعر المقدسة، منوهاً بالخطوة الجديدة التى نتطلع أن تزيد من ضمان خدمة حجاج بيت الله الحرام بصورة أفضل وأكثر سرعة، ودون قصور هذا العام، وذلك بإنشاء مطابخ مركزية تولتها شركة “كدانة”.

خدمات رقمية

زيادة أعداد الحجاج لمليون شخص لم تكن الشيء المميز الوحيد هذا العام فى السعودية فقط، بل سبق ذلك استعدادات كبيرة وعديدة لاستقبالهم، فتم إصدار عدة خدمات رقمية وتطبيقات للهواتف الذكية، مثل تطبيق «اعتمرنا» وتطبيق «توكلنا»، وكذلك البوابة الإلكترونية لحجاج الداخل، ناهيك عن المتابعة مع الحجاج عبر إرسال SMS لهواتفهم الذكية. وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة التى تساعد الحجاج على تأدية مناسك حجهم، وتوفر لهم سبل الراحة الممكنة.

وبحسب وزارة الحج  فقد تم توفير المشروعات التقنية والإجراءات الميسرة فى سبيل الرقى بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن هذا العام؛ وسط منظومة متكاملة من الاستعدادات وتوظيف الطاقات المادية والبشرية؛ وأنجزت الوزارة ؛ خطتها بالإعلان فى وقت سابق عن فتح باب التسجيل للحجاج من داخل المملكة من المواطنين والمقيمين فى المملكة بموجب إقامة نظامية والراغبين فى تأدية شعيرة الحج، ليتم اختيارهم بنظام القرعة الإلكترونية.

كما قامت وزارة الحج بالتنسيق مع جميع الأجهزة الحكومية لإنهاء إجراءات الحجاج جميع بسهولة ويسر بدءاً من إصدار التأشيرات والتأكد من الخصائص الحيوية والحالة الصحية، وترتيب عمليات النقل والإعاشة والتسكين بالشراكة مع جميع الجهات العاملة فى الحج حتى مغادرتهم سالمين بعد تأدية المناسك، وقامت الوزارة فى استقبال وفود الحجاج القادمين تباعا من خارج المملكة عبر مطار الملك عبد العزيز الدولى فى محافظة جدة، ومطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولى فى المدينة المنورة، وسط استعدادات متكاملة؛ فيما تتواصل خلال هذه الفترة وصول طلائع ضيوف الرحمن من مختلف أصقاع المعمورة.

 خطة محكمة

استعدادات المملكة العربية السعودية لتنظيم موسم حج 1443هـ 2022 م اشتملت على خطة محكمة لتجهيز منطقة مكة لاستقبال ضيوف الرحمن، ووفقا لتصريحات أمين العاصمة المقدسة المكلف صالح بن على التركى فإن جميع قطاعات الأمانة وإداراتها وبلدياتها الفرعية ومراكزها الخدمية فى جاهزية تامة لأداء خطة أعمال موسم الحج، ففى مجال النظافة جرى تجهيز أحدث المعدات مثل الضواغط والمكانس الآلية والقلابات وغيرها وسيكون العمل على مدار 24 ساعة فى المناطق المزدحمة، وذلك بنظام الورديات المتداخلة، إضافة إلى تخصيص فرق مركزية لمواجهة أى حالات طوارئ كالأمطار أو الحرائق لا سمح الله أو لدعم أى منطقة فى حالة الحاجة، كما يتم استخدام عدد من الصناديق الكهربائية الضاغطة للنفايات، والصناديق التى تعمل بالطاقة الشمسية.

كذلك مناطق المشاعر المقدسة فقد جرى دعمها بمراقبين ومشرفين وبالمعدات اللازمة مثل الشفاطات والمكانس الآلية لتجميع النفايات من جسر الجمرات، وسيتم العمل على مدار 24 ساعة فى أيام الذروة وفترة وجود الحجاج، وتجهيز عدد (140) من المخازن الأرضية للنفايات للتخزين المؤقت للنفايات بعد كبسها بمشعر منى لمواجهة صعوبة حركة المعدات، والاستفادة من الصناديق الضاغطة البالغ عددها (1379) صندوقًا، إضافة إلى (9) تريلات كبيرة ضاغطة.

كما هيأت الأمانة العديد من الفرق واللجان للقيام بمراقبة الأسواق والمحال الغذائية والمطاعم ومتعهدى الإعاشة والرقابة الميدانية على مدار الساعة، وتجهيز مختبرات حديثة متنقلة وبتقنيات عالية للقيام بتحليل عينات الأغذية والمياه، وإصدار نتائج الفحص بشكل سريع، وإجراء التحاليل المخبرية لجميع عينات المواد الغذائية أولًا بأول، ومصادرة المواد التالفة، ووضع خطة عمل ميدانية للرقابة على محال بيع المواد الغذائية ومنظومة الإعاشة، حيث يبلغ عدد المحال المتعلقة أنشطتها بالصحة العامة فى مكة المكرمة حوالى 30 ألف محل تشمل البقالات والمطاعم والكافتيريات وصالونات الحلاقة والمغاسل والمخابز وغيرها، إضافة إلى عدد من المباسط الموسمية بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة.

كما نظمت الأمانة أعمال اللجان المشاركة مع الجهات الحكومية مثل لجنة الكشف على مساكن الحجاج ولجنة مكافحة الظواهر السلبية فى ساحات الحرم والطرق المؤدية إليه ولجنة إزالة التعديات بالمشاعر وغيرها من اللجان المشتركة مع الجهات الرقابية، إضافة إلى الإشراف على تشغيل ونظافة المجازر بالمشاعر المقدسة التى يتم تشغيلها عبر مشروع المملكة للإفادة من الهدى والأضاحى، وفق أعلى الطاقات التشغيلية خلال الموسم، وهى خمس مجازر فى منطقة المعيصم، وتستوعب فى مجملها أكثر من (1020000) رأس باليوم الواحد، مع تنظيم مراقبة دخول الماشية إلى المشاعر المقدسة، ووضع العديد من المراكز للمراقبة فى أماكن مختلفة لضمان عدم تسرب المواشى بطرق مخالفة ومنع بيع اللحوم بساحات المجازر ومنع الذبح العشوائى أو إقامة مسالخ عشوائية.

كما شملت الخطة عملية دعم البلديات الفرعية فى مجالات النظافة وصحة البيئة ومتابعة الأسواق والمحال التجارية لضمان استمرارية العمل على أكمل وجه، تضمنت متابعة تشغيل المرافق البلدية المختلفة فى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة مثل الطرق وشبكات الإنارة وصيانة شبكة الأنفاق البالغ عددها (58) نفقًا بطول إجمالى نحو 35 كلم، والجسور البالغ عددها نحو (60) بأطوال وتصاميم مختلفة، ودورات المياه وشبكات تصريف السيول ومتابعة المقاولين المكلفين بتشغيلها لضمان تقديم الخدمات على مستوى عالٍ خلال الموسم وأولاً بأول، وتخصيص فرق فنية لمعالجة البلاغات الواردة عن طريق عمليات الأمانة بشكل سريع، وتخصيص وحدة للطوارئ وفرق للمساندة موجودة على مدار 24 ساعة وهى مزودة بالأفراد والمعدات لمواجهة الحالات الطارئة كالحرائق والانهيارات والأمطار، وذلك بالتنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة من خلال ضباط الاتصال بالأمانة.

استعدادات المدينة المنورة

المدينة المنورة هى الأخرى استعدت لاستقبال ضيوف الرحمن وحسب تصريحات صاحب السمو الملكى الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، رئيس لجنة الحج والزيارة بالمنطقة، فقد تم الاستعداد مبكرا من جميع القطاعات المرتبطة بأعمال موسم الحج 1443هـ بما يتواكب مع مستوى الرعاية والعناية التى توليها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولى عهده الأمين، للحرمين الشريفين وقاصديهما وترجمة ذلك بتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن زوار المسجد النبوى الشريف.

وتشمل الخطة التشغيلية لوكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوى الشريف عدد 9 برامج رئيسية، تتمحور حول تنظيم وإدارة الحشود القادمة للزيارة والصلاة فى الروضة الشريفة والبرامج الخدمية ومنظومة التشغيل والصيانة والخدمات المساندة. وكذلك فى الجانب الصحى، فقد شرعت صحة المدينة المنورة فى تهيئة المرافق الصحية على مستوى المنطقة بطاقة تشغيلية تصل إلى 3665 سرير تنويم، بالإضافة إلى 521 سرير عناية مركزة، بالإضافة إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة ضمن نطاق المنطقة المركزية ومراكز النقل الإسعافى، إلى جانب إقرار خطط العمل الوقائية الصحية فى منافذ الدخول وإجراءات مكافحة العدوى والأمراض المعدية.