بِقَلَمِ / سَامِي بَوَادِي
مَا أَجْمَلَهَا مِنْ مِهْنَةٍ فِي نُبْلِهَا وَسُطُوعِ عِلْمِهَا وَقُوَّةِ حُجَّتِهَا وَبَيَانِهَا. مِهْنَةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ الدِّفَاعِ عَنِ الحُقُوقِ وَتَحْقِيقِ العَدَالَةِ وَالقِصَاصِ مِنَ المُعْتَدِينَ، وَحِرْفَةِ الوُصُولِ إِلَى الحَقِيقَةِ. رِجَالُهَا، بِفِطْنَتِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمِ القَانُونِيَّةِ الوَاسِعَةِ، يَقِفُونَ كَحُرَّاسٍ أُمَنَاءِ أَمَامَ القَضَاءِ، مُدَافِعِينَ عَنْ حُقُوقِ مُوَكِّلِيهِمْ وَمُطَالِبِينَ بِإِحْقَاقِ الحَقِّ.نَعَمْ، مِهْنَةُ المُحَامَاةِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ وَظِيفَةٍ، بَلْ هِيَ رِسَالَةٌ سَامِيَةٌ تَسْتَلْزِمُ نَزَاهَةً وَالْتِزَامًا أَخْلَاقِيًّا عَمِيقًا. وَعَلَى المُحَامِينَ أَنْ يَسْعَوْا جَاهِدِينَ لِتَحْقِيقِ العَدَالَةِ وَالمُسَاوَاةِ فِي المُجْتَمَعِ، وَيُقَدِّمُوا الدَّعْمَ القَانُونِيَّ لِمَنْ لَا صَوْتَ لَهُمْ، فَهَذَا مَا يَجْعَلُهُمْ جُزْءًا أَسَاسِيًّا مِنَ النِّظَامِ القَضَائِيِّ العَادِلِ.إِنَّ المُحَامَاةَ يَا سَادَةُ، فِي مَظَاهِرِ سُمُوِّهَا وَعَظَمَتِهَا، تَجْمَعُ بَيْنَ العِلْمِ وَالعَمَلِ، بَيْنَ النَّزَاهَةِ وَالشَّجَاعَةِ، بَيْنَ الفِطْنَةِ وَالإِبْدَاعِ. فَهِيَ حِصْنُ العَدَالَةِ وَدِرْعُ المَظْلُومِينَ، حِينَ يَقِفُ المُحَامِي كَمَلَاكٍ حَارِسٍ لِلْحُقُوقِ وَالحُرِّيَّاتِ، مُدَافِعًا عَنِ الحَقِّ وَمُطَالِبًا بِالعَدْلِ.لِذَا، تَتَطَلَّبُ مِهْنَةُ المُحَامَاةِ مَعْرِفَةً قَانُونِيَّةً عَمِيقَةً، وَحِكْمَةً فِي التَّفْكِيرِ، وَبَلَاغَةً فِي التَّعْبِيرِ. وَكَوْنِهَا رِسَالَةً تَسْتَنِدُ إِلَى الأَخْلَاقِ وَالمَبَادِئِ، تَجْعَلُ لِزَامًا عَلَى المُحَامِي أَنْ يُؤَدِّيَ دَوْرَهُ فِي خِدْمَةِ المُجْتَمَعِ وَالحِفَاظِ عَلَى النِّظَامِ العَامِّ. فَفِي عَالَمٍ مَلِيءٍ بِالتَّحَدِّيَاتِ وَالتَّعْقِيدَاتِ، تَظَلُّ المُحَامَاةُ مَنَارَةً تَهْدِي إِلَى سَبِيلِ الحَقِّ، وَتُسَاهِمُ فِي بِنَاءِ مُجْتَمَعٍ قَائِمٍ عَلَى العَدَالَةِ وَالمُسَاوَاةِ.لِذَا، زَمِيلِي، لَا تَجْعَلْ نَفْسَكَ إِلَّا حَارِسًا أَمِينًا وَمَلَاكًا يَدَافِعُ عَنِ الحَقِّ. تَذَكَّرْ أَنَّ المُحَامَاةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ مِهْنَةٍ، بَلْ هِيَ رِسَالَةٌ سَامِيَةٌ تَتَجَلَّى فِي نُصْرَةِ المَظْلُومِينَ وَإِعَادَةِ الحُقُوقِ إِلَى أَصْحَابِهَا. وَأَنَّ الدِّفَاعَ عَنِ المَظْلُومِينَ لَيْسَ وَاجِبًا مِهْنِيًّا فَحَسْبُ، بَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَخْلَاقِيٌّ وَإِنْسَانِيٌّ يَسْتَوْجِبُ مِنَ المُحَامِي الإِخْلَاصَ وَالتَّفَانِي. كُنْ ذَلِكَ الصَّوْتَ القَوِيَّ الَّذِي يَصْدَحُ بِالحَقِيقَةِ، وَلَا تَخْشَ فِي الحَقِّ لَوْمَةَ لَائِمٍ، لِأَنَّ مُسَاعَدَةَ أَصْحَابِ الحُقُوقِ فِي اِسْتِعَادَةِ حُقُوقِهِمْ تَعْنِي أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ الفَوْزِ بِالقَضِيَّةِ؛ إِنَّهَا تَعْنِي إِعَادَةَ الثِّقَةِ لِلنُّفُوسِ المُنْكَسِرَةِ، وَإِعَادَةَ البَسْمَةِ إِلَى الوُجُوهِ الحَزِينَةِ، وَبَثَّ الأَمَلِ فِي قُلُوبِ مَنْ عَانَوْا الظُّلْمَ.المُحَامِي الحَقِيقِيُّ هُوَ الَّذِي يَقِفُ بِجَانِبِ عُمَلَائِهِ وَمُوَكِّلِيهِ، يَدْعَمُهُمْ وَيُوَاسِيهِمْ، وَيَعْمَلُ بِلَا كَلَلٍ لِتَحْقِيقِ العَدَالَةِ وَنُصْرَةِ المُسْتَضْعَفِينَ. كُنْ دَائِمًا ذَلِكَ النُّورَ الَّذِي يُضِيءُ دُرُوبَ الحَقِّ وَالعَدَالَةِ، وَاجْعَلْ مِنْ مِهْنَتِكَ أَدَاةً لِخَلْقِ مُجْتَمَعٍ أَفْضَلَ، يَنْعَمُ فِيهِ الجَمِيعُ بِالأَمَانِ وَالمُسَاوَاةِ. وَتَشَرَّفْ دَوْمًا بِأَنَّكَ تَنْتَمِي لِلمُحَامَاةِ، نِبْرَاسَ العَدَالَةِ وَصَوْتَ المَظْلُومِينَ.
إضافة تعليق جديد