رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 10 يناير 2025 3:53 م توقيت القاهرة

وهو الذي كف أيديهم عنكم

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 23 أكتوبر 2024
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد لقد كان صلح الحديبية فتحا مبينا فإن المشركين كانوا لا يعترفون بالمسلمين ولا يلقوا لهم أية إعتراف بل كانوا مصممين على إستئصالهم والقضاء عليهم ودحرهم بدون قيد أو شرط فإذا بهم اليوم يفاوضونهم ويصالحونهم وهذا في حد ذاته يعد هزيمة وإعتراف منهم بقوة المسلمين وأثر وجودهم ورجع المسلمون من العام القادم فإعترضهم المشركون فتم الفتح الأكبر فتح مكة عنوة أي قوة، فقيل لما رأى شباب قريش الطائشون الطامحون للحرب رغبة زعمائهم في الصلح وإرسالهم للمصلحين فكروا في خطة تحول بينهم وبين الصلح فقرروا أن يخرجوا ليلا ويتسللوا إلى معسكر المسلمين ويحدثوا أحداثا تشعل نار الحرب فخرج منهم سبعون أو ثمانون.

وتسللوا في الليل إلى معسكر المسلمين غير أن محمد بن مسلمة قائد الحرس الإسلامي إعتقلهم جميعا ورغبة في الصلح أطلق النبي صلى الله عليه وسلم سراحهم وعفا عنهم فأنزل الله قوله تعالي في سورة الفتح " وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا " وفي هذه الأثناء بعث النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه سفيرا له إلى قريش ليؤكد لهم موقفه وهدفه وأنه صلى الله عليه وسلم جاء للعمرة ولم يجئ للقتال وقال له أخبرهم أنا لم نأتي لقتال وإنما جئنا عمارا وأمره أن يبشر رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات بمكة بفتح مكة وأن الله مظهر دينه بها، فانطلق عثمان رضي الله عنه وبلغ الرسالة إلى زعماء قريش فعرضوا عليه أن يطوف بيت.

ولكنه رفض هذا العرض وأبى أن يطوف حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأخر المشركون في الرد على عثمان رضي الله عنه وتركوه عندهم حتى يتشاوروا فيما بينهم ثم يردوا معه الجواب على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فطالت فترة جلوسه عندهم فشاع بين المسلمين أن عثمان رضي الله عنه قد قتله المشركون فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغته تلك الإشاعة بمبايعة أصحابه على الثأر لمقتله فثار الناس إليه يبايعونه صلى الله عليه وسلم حتى بايعه جماعة منهم على الموت وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد نفسه وقال هذه عن عثمان ولما تمت البيعة جاء عثمان ففرح المسلمون بمجيئه سالما فرحا شديدا وقد تمت هذه البيعة تحت شجرة وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

آخذا بيد النبي صلى الله عليه وسلم والناس يبايعونه ومعقل بن يسار آخذا بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسميت هذه البيعة ببيعة الرضوان التي أنزل الله فيها " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وآثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما " وإن من الفوائد الهامة من صلح الحديبية أن المشركين وأهل الفجور، إذا طلبوا أمرا يعظمون فيه حرمة من حرمات الله تعالى، أجيبوا إليه وأعطوه وأعينوا عليه، فيعاونون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى، لا على كفرهم وبغيهم، ويمنعون مما سوى ذلك، فقال الإمام الزهري وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم "لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله، إلا أعطيتهم إياها" وظهر في صلح الحديبية مدى حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم. 

ويعبر عن ذلك عروة بن مسعود الثقفي في قوله لقومه "أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمدا، والله ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم بأمر إبتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها"

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.