بقلم مصطفى سبتة
سهد الفؤاد عناءُ الهجرِ يا قلبيا
و قد غَـدَى في ثَـنَايـا الحزنِ ظمآنـا
يخاطبُ الصّبحَ اذ ما عادَ يقرضنا
كيفَ النّدى مع هوى الأنسامِ ينسانا
لمْ يفَتقدْ وَجنَتي قد كانَ قبّلها
قبلَ الصّـلاةِ وضـوءاً كمْ تغَشّانـا
وهـلْ تُغَسّلُ بالأقـصى مـذاهِبُـنا
بـذاتِ قَطرِ الـهوى نجـوىً و ريّـانـا
تُضاحكُ القـبّـةُ الـذّهــباءُ دعـوَتَــنا
تتلو عُـروجـاً مـع الإســراءِ رنّـانـا
ما زالَ لي قمرٌ يرسو بصخرتها
يجني الضـياءَ أمِ المعراجُ ينعـانـا
مــولّـــهٌ و حبــالُ الشوقِ تخنقنا
و داعيَ الـزّورِ بيـتَ الأسـرِ وافـانـا
تحبسنا خيـمةٌ باتـتْ هويتنا
في حضنها تفقدُ الأثداءُ إنسـانـا
و زمرةٌ من بُغاةِ الشّرقِ تحرسنا
و منْ غرائبها الإفــتاءُ كُفرانـا
هلْ ينظرونَ حميماً من سرائرنا
يقلبُ الجَمرَ إذْ ما قامَ أشقانا
ماذا اقول وشوق الصب قد كانا
والعمر حبي أجوب الكون حيرانا
فقدت فيك على الانحاء بوصلتي
بريق عينيك يهدي اليوم ولهانا
منذ التقينا وصار الحب موعدنا
فأصبح الروض بالازهار مزدانا
زيدي هنائي وصبي الحب يثملني
فمن رضابك بات العشق سكرانا
إني أطير على الاكوان في شغف
فيهتف القلب تحييني نجاوانا
إني المعنى على التحنان أوردتي
أزيدها العمر بالتحنان تحنانا
ضمي فؤادي فإن القلب منتهل
من نهر حبك يروي الشوق أزمانا
يا ربة الحسن فيك الحسن مزدهر
والجدب صار مع الأحباب بستانا
كوني بقربي فقلب قد غدا حرقا
زيدي أواري ولا تخشين نيرانا
نيران شوقي سلام في محافلها
من همسة العين برد الحب يغشانا
مدي يديك لكف بات مرتعشا
يرتل الشوق أشعارا و ألحانا
و يعزف الناي بالنشوى على مهل
فيعزب اللحن باﻷوتار أوزانا
ويسمر الليل لألاء بجنتها
ويسهر النجم بالانحاء يرعانا
والقرب زاد و ري الحب ينعشنا
والعين بالعين تحيي السحر هيمانا
غزلت حبي على الأنوال معطفها
يلملم البرد عنها حين يغشانا
ذوبي بكفي و رو القلب من عطش
سارسم الأفق لونا من حكايانا
وامزج العطر من كفيك ملتمسا
ريح الورود فمسك الكف أغرانا
طيبي ونامي هدوءا ملء جنتنا
قد كان حبي لمن أهواه بستانا
عذراً إليكِ بها فالوعدُ قد بانا
أرضي قِفارٌ فهلّا جئتِ نيسانا
هذي الحروف إذا ما صُغتُها وَجِلاً
أمْطَرتُكُمْ دمعَ عينٍ من مُحَيّانا
أن العيون التي قتلننا بالهوى
فكيفَ إن غارَ سهمٌ في ثنايانا
دفنتُ قلبي حبيسَ القبرِ أضيَقَهُ
فراحَ يشكو عذابَ الحُبِّ نيرانا
شيَّعتُ روحي عَسى ألقى بخاتمتي
خيرَ الجزاءِ وقَد قاسَيتُ ألوانا
وَصلاً فصَدّاً فإنْ كانَ اللقاءُ بها
يعربدُ السحرُ في عينيَّ بهتانا
أشكو اليها عسى في الوصلِ تَرحَمُني
فإنْ شَكَوتُ لها فالهجرُ ما كانا
وتَنزوي الشَّفة الحيرى بأَحرُفِها
فتَرتَجي رشْفةً للحبِّ عنوانا
وتستفيقُ على تلكَ التي هَجَرَت
جراحُ عُمرٍ مضى بالشوقِ أعيانا
ما كنتُ احسبُ أنَّ الحُبَّ قاتِلُني
أو كنتُ أحسَبُ لُقيا النَشْرِ لقيانا
جودي عليَّ بما أوصى الرحيمُ به
يا رحمةً من عُلا الرحمنِ تلقانا
جودي ففي الهجرِ كأسُ الجمرِ مترعةٌ
وفي الوصال رضابُ العشقِ يغشانا
أوصى الخليلُ بها لترتقي لكمُ*٢*
متناً وقافيةً شجواً والحانا
لكنها عَجزَت إذْ ما أتيتُ بها
فصارَ فيها عميقُ البحرِ شطآنا
فليسَ عندي سوى روحٍ تؤرقُني
مزقتُ ثلثيها و الباءُ من صانا
تلكَ الْعيون التي أدركت روعتها
سفكت دمي بعد فجر حين لقيانا
تركت قلبي بسر بث وحدته
ويرسم الحزن أشكالا وألوانا
يا أم سعد الا تكفيك معذرتي فالروح متعبة والقلب ولهانا
كفي ملامك هل ترضي بمأساتي
والشوق في خلجات النبض حيرانا
تلهين بالعقلِ تُطفئين أوارهُ
وأنت أنعمُ خلق الله إنسانا
ما كانَ قد كانَ فلننسى بواعثه
ولترسل الشمش من شفتيك الحانا
وَلْنَجْعَلِ الْحُبْ تَرَاتِيلاً نُرَدِّدُها
فَتَمْلأُ الْكَونَ أزَهَارَاً وَرَيحانَا
كوني كقطرة ماءٍ أرتوي وبها
تسهيل أمري برفقٍ مثلما كانا
إضافة تعليق جديد