بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله خير من علّم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلم تسليما مزيد ثم أما بعد إن من وسائل الأمن والإستقرار هو ضمان الحاجة إلى الغذاء وهو ركن آخر من أركان الرفاه الإقتصادي والأمن الإجتماعي، فالبلدان التي تعاني من الفقر والفاقة هي البلدان التي تشهد الإضطرابات بينما البلدان الغنية هي أكثر إستقرارا وأمنا، وهذا لايعني إنعدام الحوادث فيها، ربما تأتي بعض الأزمات بسبب الغنى سيما إذا إضطربت المعايير الأخلاقية في المجتمع وسادت الممارسات.
التي يفرزها الغنى كشرب الخمر وتناول المخدرات وإنتشار المافيات، لكن على العموم يمكن لنا أن نقيس تقدم وإزدهار وإستقرار البلدان إلى عامل الوفرة الغذائية كأحد العوامل المؤثرة في الإقتصاد والرفاه وهذه الحقيقة أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" فالعبادة كقيمة معنوية لا يمكن فرضها إلا في حالة الإستقرار وفي حالة التوازن النفسي والإجتماعي وهذا ما لا يتأتى إلا بخطوتين الأولى تأمين الجانب الغذائي للبشرية، والثانية ضمان الأمن وإزالة المخاوف، فالغذاء أولا وقبل كل شيء فقبل أن تطالب الإنسان بأية مسؤولية لابد من تأمين حاجاته إلى الغذاء، وقد رعى الإسلام هذا الموضوع أشد إهتمام فبالغ في دفع المسلمين إلى الزراعة وتنمية القدرات الإنتاجية.
لتوفير سلة الغذاء للمواطنين، فمن ناحية أخرى كافح البطالة بشتى السُبل، ومن جانب آخر أعطى ضمانات مالية لكل من هو عاجز عن العمل لأسباب صحية تعيقه عن القيام بأعباء الحياة، وبهذا حل الإسلام أزمة الغذاء وإلى الأبد ممهدا الطريق أمام الإستقرار السياسي والأمن الإجتماعي وكل الأهداف التي يسعى من أجلها المجتمع الإسلامي، وعند إعادة قراءة المقومات السابقة لا نجد صعوبة في القول إن جميعها تتداخل بشكل وآخر مع هذا العامل وهو توفير الحاجات الغذائية للإنسان، فالقانون لا يمكن تطبيقه إلا بإزالة المجاعة من المجتمع، وتوفير الغذاء، والتكافل الإجتماعي حلقتان متداخلتان، وأساس التعايش هو التعاون الذي يقوم بين أبناء الشعب الواحد في توفير سبل الحياة والعيش الكريم، والتسامح وإشباع الحاجة إلى الطعام.
عاملان متداخلان أيضا، والتعاون الإقتصادي أحد أسسه هو التعاون على توفير المحصول الزراعي سواء بواسطة الزراعة أو التجارة أو الصناعة، والمشاركة السياسية لا يُمكن بلوغها إلا عندما تكون الأفواه مملوءة بالطعام ولا يمكن تنمية الشعور بالمسؤولية إلا بعد سد حاجات الفرد من الغذاء واللباس والمسكن ورعاية شؤونه الصحية والتعليمية، فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، والزموا عبادته، واحذروا معصيته، وإصبروا على إبتلائه، وعوذوا به من الفتن كلها، ظاهرها وباطنها، حاضرها وغائبها، صغيرها وكبيرها، فإن الله تعالى قد فتن الناس بعضهم ببعض، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالعمل الصالح قبل وقوع الفتن التي تشغل عن العمل.
إضافة تعليق جديد