بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله برحمته اهتدى المهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد إن رسول الله المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم لولاه لهلكنا ومتنا على الكفر وإستحققنا الخلود في النار، فإن به عرفنا طريق الله تعالي، وبه عرفنا مكائد الشيطان، وشوقنا إلى الجنة، وما من طيب إلا وأرشدنا إليه، وما من خبيث إلا ونهانا عنه، ومن حقه علينا أن نحبه، لأنه يحشر المرء مع من أحب، فقد جاء أعرابي إلى النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فقال متى الساعة ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أعددت لها؟ " قال إني أحب الله ورسوله، قال " أنت مع من أحببت " وبهذا الحب تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحوض فتشرب الشربة المباركة الهنيئة التي لا ظمأ بعدها أبدا، وقال الإمام القرطبي كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحب له قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " ما غير لونك؟ قال يا رسول الله ما بي ضر ولا وجع غير أنى إذا لم أراك إشتقت إليك وإستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين، وأنى إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل لا أراك أبدا، فأنزل الله عز وجل قوله.
" ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " وإن من وسائل التربية على حب الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم أن يعلم كل مسلم أنه لن يدخل الجنة إلا عن طريق إتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تقبل منه عبادة إلا إذا كانت موافقة لما جاء به الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم مشرعا أو شارحا أو مفصلا كما يكون إتباع سنته بالإقتداء بهديه وسمته وما ثبت عنه، وإن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانت مأثورة أثرا يصح التمسك به، لم يكره شيء من ذلك، بل يشرع ذلك كله، وهو أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع متنوعة، وإن قيل إن بعض تلك الأنواع أفضل، فالإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة أفضل من لزوم أحد الأمرين، وهجر الآخر.
واعلموا بأن هناك حجاب وإثنان وثلاثة يبعدوننا عن النار، فهناك حجاب الصدقة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " اجعلوا بينكم وبين النار حجابا ولو بشق تمرة " وكما أن هناك حجاب الذكر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم " خذوا جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات ومعقبات ومجنبات، وهن الباقيات الصالحات " وكما أن حجاب تربية البنات، لقوله صلى الله عليه وسلم " ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له ستراً من النار " واعلموا بأن رسول الله صلي الله عليه وسلم هو ولى كل مؤمن حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من توفى من المؤمنين فترك دينا فعلى قضاؤه ".
إضافة تعليق جديد