بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صلي وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقدره العظيم أما بعد إن الإتقان في العمل هو طريق الفلاح في الدنيا والآخرة، فالإتقان في العدل هو أساس البقاء والإنتصار وفي العدل يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ومثله إتقان القول فهو أساس السمو والرقي بأخلاق العبد المؤمن حتى لا يلقى بقوله في النار سبعين خريفا، والعمل بلا أتقان مردود على صاحبه وهو كما في الحديث الشريف " أرجع صلي فأنك لم تصلي " والإتقان هو سبب التفوق أيضا في الدنيا.
ولو نظرت إلى الوقع لوجدت الأمثلة شاهدة على ذلك، فاسأل نفسك كيف إستطاعت اليابان أن تخرج من المحرقة النووية مرة أخرى، وكيف إستطاع اليهود التحكم في كل قرارات العالم بعد إن كانت أمة مشردة، فإنه الإتقان، فعجبا لجلد الكافر وضعف المؤمن، ومن هنا نعلم أن سبب تخلفنا إن صح التعبير في بعض مجالات الحياة هو فقدان روح الإخلاص والإتقان في العمل، فنحن نملك كل ما يملكه أولئك القوم من خيرات وطاقات وقدرات ولكنه التفريط في الإتقان وإنتشار الفوضى والتكاسل، ولقد أشار القرآن الكريم إلى العديد من الحرف والمهن التي إمتهنها بعض رسل الله تعالي قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، فعلى سبيل المثال، هذا هو نبي الله نوح عليه السلام إحترف مهنة النجارة حيث قال الله تعالي كما جاء في سورة هود " ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون "
وعن نبي الله داود عليه السلام، قال تعالى كما جاء في سورة الأنبياء " وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون " وهذا أسعد وأشرف وإمام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عمل بالتجارة، كما عمل برعي الأغنام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم " ما بعث نبيا إلا رعي الغنم، فقال أصحابه وأنت؟ فقال نعم كنت أرعاها علي قراريط لأهل مكة " رواه البخاري، وهكذا يعطي النبي صلى الله عليه وسلم درسا لكل من يبحث عن عمل، أو يستكبر أن يقوم بأعمال معينة إزدراء لها، فما ينبغي أن تكون الأمور هكذا، فلا يكن فى نفسك حرج أن تمتهن أي مهنة طالما أنها مهنة شريفة، وتستطيع أن تكسب بها قوتك وقوت أولادك، فإن البحث عن العمل وطلب المال الحلال، والسعي على الأهل والعيال مما حث عليه الإسلام.
قيل يا رسول الله أي الكسب أطيب؟ قال " عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور" رواه أحمد وغيره، وقال صلى اللهُ عليه وسلم " لأن يأخذ أحدكم أحبله فيأتي الجبل، فيجيء بحزمة من حطب على ظهر، فيبيعها فيستغني بثمنها، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " رواه أحمد، وروى كعب بن عجرة رضي الله عنه قال مر رجل على النبي صلى اللهُ عليه وسلم، فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه ما رأوا، فقالوا يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان" رواه الطبراني.
إضافة تعليق جديد