رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 26 أبريل 2024 5:48 ص توقيت القاهرة

الدعاء إذ هو دعوةٌ إلى الله!

رغداء صبيح

الدعاء إذ هو دعوةٌ إلى الله!
للقرآن العظيم حريةٌ مطلقة في توظيف ما يشاء من مفردات لغته الإلهية، وذلك للتعبير عن المعنى المراد للمتلقي، قراءةً وتدبراً، أن يقع عليه. وليس لنا أن نفرض على اللغة القرآنية الكريمة أحكاماً وضوابط وذلك حتى تجيء هذه اللغة متوافقةً مع لغتنا التي تواضعنا على أن تجيء منضبطةً بتلك الضوابط التي افترضناها قواعدَ نحوٍ فلا سبيل لها لأن تخالف عن أحكامها!
ومن ذلك أن كلمة "الدعاء" في القرآن العظيم تجيء بمعنى الدعاء والتوسل كما درجنا على الأخذ به، وذلك في آياتٍ كريمة من مثل: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) (38 آل عمران)، (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) (40 إبراهيم)، (وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) (من 48 مريم).
كما وتجيء كلمة "الدعاء" في القرآن العظيم بمعنى "الدعوة". وهذا ما بالإمكان تبيُّنه بتدبُّر آياتٍ كريمة من مثل:
(قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا. فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا) (5 -6 نوح)، (قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ) (45 الأنبياء)، (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) (من 63 النور)، (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (80 النمل)، (إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ) (من 14 فاطر).
وإذا ما نحن أخذنا بنظر الاعتبار هذا الذي تنطوي عليه وتشتمل كلمة "الدعاء" في القرآن العظيم، فإن المقاربة التقليدية للآية الكريمة 77، والتي تنتهي بها سورة الفرقان، ليس لها أن تجعل من هذه الآية الكريمة يجيء تدبُّرها متوافقاً مع المعنى الذي تواضعنا عليه (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا). فهذه الآية الكريمة لا تعني على الإطلاق ما جاءتنا به المقاربة التقليدية فجعلتنا نظن ونتوهم أن مقصودها هو دعاؤنا الله تعالى! فالآية الكريمة تقول بأن الله تعالى توجَّه إلينا بالدعوة إلى انتهاج سبيله القويم، وإننا إن أعرضنا وكذَّبنا فلن يكون جزاء هذا الإعراض والتكذيب منا إلا ما سبق وأن ألزم اللهُ تعالى به نفسَه من إنزال العذاب بساحة مَن كذَّب وأعرض وتولَّى.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.