الحمد الله رب العالمين معز الموحدين ومذل المشركين ناصر دينه نهى عن عبادة الأوثان وأمر بتوحيده ووعد من حققه أجزل الثواب وأتم الرضوان وتوعد بمن أشرك به بالهوان وأشد العذاب وأعظم العقاب أرسل رسوله بالهدى وتهديم الأصنام والأوثان وتحقيق التوحيد فلم يدع باب للشرك إلا سده ولا طريق إلى النار إلا بينه وحذر منه طاعة لربه وإمتثالا لأمره فنصح الأمة وبلغ الرسالة وأدا الأمانة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أما بعد إن الإنتماء إلى الوطن ركن أساسي في الحياة الإجتماعية، وبدون هذا الإنتماء يصبح الإنسان بدون هوية معلقا بين السماء والأرض، فالإنتماء مسألة ضرورية لتكوين العلاقات الحميمة بين أبناء المجتمع الواحد، وينشأ من الإنتماء إلى الوطن شعور غامر بأن الوطن هو بيته وداره وأنه مسؤول عن سلامته وأمنه.
ورفاهيته وديموميته، عندما يتولد هذا الإنتماء يصبح الفرد جزءا من الكل، وأنه لبنة في بناء كبير ويترتب على هذه المشاعر مسؤوليات إزاء الوطن ومن يعيش على أرضه، فيتمنى أن يرى وطنه بأبهى صورة من جمال الطبيعة وجمال المدن والمرافق العامة والمباني، ويتوقع أن يرى أبناء وطنه على أفضل صورة وهم يمارسون حياتهم الطبيعية بشوق ولهفة ويتوقع أن يرى سواح بلاده وهم يحملون أفضل الإنطباع عن وطنه بعد زيارتهم له وعودتهم إلى بلدانهم، ويتوقع أن يرى وطنه نظيفا سليما من الجهل والمرض تنتشر فيه المدارس والجامعات وتعمه المراكز الصحية من مستشفيات ومصحات، ويتوقع أن يرى وطنه وقد أصبح في مصاف البلدان الراقية والمتطورة إقتصاديا وثقافيا وصحيا، ويتمنى أن يضرب وطنه الرقم القياسي.
في الرخاء الإقتصادي والأمن الإجتماعي والتقدم العمراني والسلامة الصحية والرقي الثقافي ويرافق جميع هذه التوقعات والتمنيات عمل جاد يقوم به كل فرد في المجتمع حسب إمكاناته والأدوار التي يقوم بها، ومن هنا كان من الضروري على المربين والمرشدين أن يخلقوا المشاعر الوطنية في نفوس أبناء الوطن منذ الصغر حتى تنموا هذه المشاعر مع نموهم الفسيولوجي، فتنمية هذه المشاعر هي مسؤولية دينية ووطنية وهي مسؤولية كل من يريد الأمن والإستقلال والإستقرار للبلاد وكل من يريد إبعاد الوطن عن شبح الصراعات والمعارك الداخلية التي تنجم عن إنتماءات وهمية تتحول إلى إنتماءات مؤثرة ومحركة لفصائل المجتمع، وهكذا عندما تطغى الإنتماءات الثانوية على الإنتماء الحقيقي للوطن تبدأ الأزمات وتنتشر الخرقات.
فتنهار الأسس والضوابط التي يقوم عليها بناء الدولة والأمة، فيتبدد كل أمل بالأمن والسلام والإستقرار، وبالأمن والإستقرار تقام الشعائر، وتعمر المساجد، ويأمن السبيل، لأن الخوف والإضطراب مانعان من ذلك، وكم عطلت من جمع وجماعات بسبب الإضطراب والخوف، وكتب التاريخ مملوءة بأخبار تعطل المساجد بسبب الفتن التي أشعلت بين طوائف من أهل القبلة، ولما دخل التتار بغداد فأثاروا فيها الرعب والهلع، وأعملوا السيوف في أهلها تعطلت الجمع والجماعات أربعين يوما، وبالأمن والإستقرار يزدهر العمران، وتبدع العقول، وتنتشر المعارف والعلوم، وأقوى سبب يعيق ذلك ويوقفه الخوف والإضطراب لأن العقول المبدعة، والأيادي الناجحة تفارق البلدان المضطربة إلى حيث الأمن والإستقرار، فلا يبقى إلا أهل الحرب والدم يثيرون الذعر في الناس.
إضافة تعليق جديد