بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل أبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، ثم أما بعد ذكرت المصادر الكثير والكثير عن الوطن وحب الوطن وحق الوطن، وإن حب الوطن هو الحب الذي يتوارثة الاجيال حيث ينتقل بالوراثة من جيل إلى جيل بهدف إلى الحفاظ على الأرض التي يسكنوها، فالكثير من الشعوب ناضلت وقاتلت وقدمت الكثير من أبنائها تضحية في سبيل أمن الوطن، وإن الوطن في الاصطلاح يُقصد بالوطن الأرض التي يولد فيها الإنسان.
وينشأ فيها، ويترعرع في أكنافها، ويتزوج فيها، وهو المكان الذي يحتوي مجموعة من عبق الذكريات التي لا يمكن نسيانها، وبالتالي فإن الوطن هو بمثابة الذاكرة للإنسان، وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر حرك ناقته لتسرع حتى يدخل المدينة، وأخرج الإمام البخارى فى صحيحه عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه قال "كان رسول الله إذا قدم من سفر، فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقته، أى أسرع بها وإن كانت دابة حركها" قال أبوعبدالله زاد الحارث بن عمير عن حميد "حركها من حبها" ولله در من قال "إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه" لكن لماذا يحن الناس لأوطانهم؟ وهو سؤال أجاب عنه الحصرى فى كتابه زهر الآداب وثمر الألباب فقال.
" وكان الناس يتشوقون إلى أوطانهم، ولا يفهمون العلة فى ذلك، حتى أوضحها على بن العباس الرومى فى قصيدة لسليمان بن عبدالله بن طاهر يستعديه على رجل من التجار، يعرف بابن أبى كامل، أجبره على بيع داره وإغتصبه بعض جدرها، بقوله " ولي وطن آليت إلا أبيعه، وألا أري غيري له الدهر مالكا ، قد ألفته النفس حتي كأنه، لها جسد إن بان غودر هالكا " ومن أجمل ما قاله أبوتمام "كم منزل فى الأرضِ يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل" وجعل الله تعالى عقابا أليما لمن تسول له نفسه أن يفسد فيه فأمر بتطبيق حد الحرابة عليهم فى الدنيا ردعا لهم، وتوعدهم فى الآخرة بعذاب عظيم، وتقوى الله ليست كثرة العبادة والصدقة فحسب بل تقوى الله من تمامها حب الوطن والمحافظة عليه، ولم لا، والله تعالى قد سوى بين قتل النفس وبين الخروج من الديار.
فالخروج من الوطن بمثابة قتل للنفس، وإن الله تعالى أراد أن يطمئن نبيه صلى الله عليه وسلم بعد إن أُخرج من مكة وإشتد عليه الحزن، فقال الله تعالى له " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد " أى سيردك لمكة مرة أخرى، ويقول فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله تعالى عن حب وطننا مصر أبلغ الأثر فى صدق محبة الوطن، حيث قال " من يقول عن مصر إنها أمة كافرة إذن فمن المسلمون؟ من المؤمنون؟ ستظل مصر رغم أنف كل حاقد هنا أو خارج هنا مصر الكنانة، مصر التى قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم أهلها فى رباط إلى يوم القيامة، مصر التى صدرت علم الإسلام إلى الدنيا كلها، صدرته حتى إلى البلد التى نزل فيها الإسلام، هى التى صدرت لعلماء الدنيا علم الإسلام، أنقول عنها إنها أمة كافرة؟ ذلك هو تحقيق العلم فى أزهرها الشريف.
وأما دفاعا عن الإسلام فإنظروا إلى التاريخ من الذى ردّ همجية التتار عنه؟ إنها مصر، من الذى رد هجوم الصليبيين على الإسلام والمسلمين؟ إنها مصر وستظل مصر دائما رغم أنف كل حاقد أو حاسد، أو مستغل أو مستغل مدفوع من خصوم الإسلام هنا أو خارج هنا، إنها مصر ستظل دائما.
إضافة تعليق جديد