رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 25 أكتوبر 2025 2:01 ص توقيت القاهرة

محمد الخفاجي يكتب من يحمي لبنان؟ جيشٌ مُكبَّلٌ ومقاومةٌ تُحاصَر…

 وسيادةٌ تُباع في سوق السياسة الدولية
منذ عقود تعيش لبنان تحت نيران إسرائيل، تُقصف القرى والمدن في الجنوب بشكل شبه يومي، بينما يغيب الجيش اللبناني عن معادلة الردع تماماً، وكأنّ السماء مفتوحة للغارات بلا حساب. والسؤال المشروع الذي يفرض نفسه على كل لبناني وعربي: أين الجيش اللبناني؟ ولماذا يُمنع من الدفاع عن أرضه وشعبه؟

الجيش اليوم واقع بين كماشتين: ضعفٌ عسكري وتقييدٌ سياسي. فهو جيش محدود التسليح والميزانية، مرتهنٌ بالمساعدات الأجنبية، وموضوع تحت قيود القرار 1701 الذي يشلّ قدرته على خوض أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل. ومن ثمّ يُطلب منه أن يحمي حدوداً مفتوحة على أخطر جبهة في الشرق الأوسط! فكيف لجيش مكبَّل الإرادة والسلاح أن يواجه قوة جوية هي الأشرس في المنطقة والمدعومة أمريكياً بلا سقف؟

ورغم هذه الحقيقة الصارخة، تنشط بعض القوى السياسية في لبنان في حملة داخلية شرسة هدفها نزع سلاح حزب الله — الحزب الذي خاض حرب 1982، و1993، و1996، وكسر الغرور الإسرائيلي عام 2000، وصمد في حرب 2006، وما يزال حتى اليوم يشكّل عامل الردع الوحيد على الأرض.
فكيف يُطلب من من واجه الاحتلال أربعين عاماً أن يتخلى عن سلاحه، بينما الجيش الذي يُفترض أن يحمي الوطن نائم في “العسل السياسي”، ينتظر التعليمات قبل الطلقات؟
أي منطق هذا؟ أهو منطق السيادة… أم منطق التبعية؟

ثم يخرج علينا دعاة “الدولة القوية” ليطالبوا بحصر السلاح بيد الدولة، بينما الدولة نفسها لا تملك قرارها ولا تملك القدرة على حماية مترٍ واحدٍ من حدودها دون إذن السفارات.
هل فرنسا ستقاتل من أجل لبنان؟
هل الغرب سيواجه إسرائيل لأجل قرية جنوبية؟
هل يُعقل أن ننتظر حماية من دول تعلن صراحة أنها لن تخسر جندياً واحداً في حرب ليست حربها؟

الحقيقة المُرّة واضحة:
لبنان اليوم ساحة نفوذ وليست دولة قرار. تُحاصر مقاومته لأنها تُقلق إسرائيل، ويُكبَّل جيشه لأنه لا يجوز أن يمتلك قوة تزعج تل أبيب، ويُترك شعبه تحت القصف ليعتاد الذلّ والغضب في آنٍ واحد.

إن السؤال الذي يجب أن يطرحه اللبنانيون على أنفسهم بلا خوف ولا مواربة هو:
هل نريد جيشاً واحداً قوياً فعلاً يحمي السيادة؟ أم نريد جيشاً للعرض ومقاومة للمواجهة، ثم نطعنها في الظهر كلما جاء أمر خارجي؟

لبنان لا يحميه البيانات، ولا المظلّات الدولية، ولا شعارات “السيادة” المستوردة.
لبنان تحميه قوة على الأرض… ومن كانت لديه بدائل أفضل من المقاومة فليأتِ بها، أما أن نطالب بنزع السلاح دون توفير بديل حقيقي، فذلك ليس مشروع دولة… بل مشروع تسليم مجاني لإسرائيل الكبرى التي لم تُخفِ يوماً أطماعها، والتي لا تزال خرائطها مطبوعة على أذرع جنودها وعلى عقول قادتها.

إلى أن تقوم دولة قرار وجيش قادر، ستبقى المعادلة بديهية:
من يدافع يُحاصَر… ومن يتقاعس يُصفَّق له.
ولبنان، للأسف، هو الثمن.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
8 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.