اليوم : الأحد الموافق 5 يناير 2025
الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيما وثناء، المتصف بصفات الكمال عزة وكبرياء، المستحق للحمد والثناء، يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء، نحمده سبحانه وأشكره ونتوب إليه وأستغفره، أفاض علينا من جزيل آلائه أمنا وإيمانا، وأسبغ علينا من كريم ألطافه منّا وإحسانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عزّ ربّا رحيما رحمانا وجلّ إلها كريما منانا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبد الله ورسوله بعثه للعالمين رحمة وأمانا وأنار به الطريق سنّة وقرآنا وهدى وفرقانا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد إن من أنواع الصبر هو الصبر على البلاء، فكان محمد بن شبرمة رحمه الله إذا نزل به بلاء قال سحابة ثم تنقشع، وقال ابن أبي الدنيا حدثني الحس بن عبدلعزيز الجروي.
قال مات ابن لي نفيس فقلت لأمه إتقي الله وإحتسبيه فقالت مصيبتي أعظم من أن أفسدها بالجزع، وقال الإمام الغزالي رحمه الله الصبر على بلاء الله بضاعة الصديقين فإن ذلك شديد على النفس ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أسألك من اليقين ما تهون علي به مصائب الدنيا" وقال داود لسليمان عليهما السلام يستدل على تقوى المؤمن بثلاث حسن التوكل فيما لم ينل وحسن الرضى فيما قد نال وحسن الصبر فيما فات، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الإنسان إذا إبتلي فعليه أن يصبر ويثبت ولا ينكل حتى يكون من الرجال الموقنين القائمين بالواجبات ولا بد في جميع ذلك من الصبر ولهذا كان الصبر واجبا باتفاق المسلمين على أداء الواجبات وترك المحظورات ويدخل في ذلك الصبر على المصائب أن يجزع فيها والصبر عن إتباع أهواء النفوس فيما نهى الله عنه.
وقال الإمام ابن حبان رحمه الله الواجب على العاقل أن يُوقن أن الأشياء كلها قد فرغ منها، فمنها ما هو كائن لا محالة، وما لا يكون فلا حيلة للخلق في تكوينه، فإن دفعه الوقت إلى شدة، فيجب أن يتّزر بإزار له طرفان أحدهما الصبر، والآخر الرضا ليستوفي كمال الأجر لفعله ذلك، فكم من شدة قد صعبت وتعذر زوالها على العالم بأسره، ثم فرج عنها السهل في أقل من لحظة، وقال العلامة ابن القيم رحمه الله الكريم ينظر إلى المصيبة فإن رأى الجزع يردّها ويدفعها فهذا قد ينفعه الجزع وإن كان الجزع لا ينفعه فإنه يجعل المصيبة مصيبتين، وكما أن هناك أشياء تبعث على الصبر على البلاء، أحدها ملاحظة حسن الجزاء وعلى حسب ملاحظته والوثوق به ومطالعته يخفّ حمل البلاء لشهود العوض، والثاني هو إنتظار روح الفرج.
ويعني راحته ونسيمه ولذته فإن إنتظاره ومطالعته وترقّبه يخفف حمل المشقة، وتهوين البلية أن يعدّ نعم الله عليه وأياديه عنده فإن عجز عن عدّها هان عليه ما هو فيه من البلاء ورآه بالنسبة إلى أيادي الله ونعمه كقطرة من بحر وأن يذكر سوالف النعم التي أنعم الله بها عليه فهذا يتعلق بالماضي وتعداد أيادي المنن يتعلق بالحال، ولقد أباح الله تعالي في هذا الدين كل طيب نافع وحرم كل خبيث ضار وأمر بالعدل والإحسان ونهى عن الجور والطغيان فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر فما ترك خيرا إلا هدى إليه ولا شرا إلا حذر منه وقد سماه الله هدى ودينا حقا وأعلاه على جميع الأديان، وسوف يسأل الإنسان عن هذا الدين في قبره ويوم حشره وعليه يقع الجزاء فيسأل في قبره من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ويقال يوم القيامة وماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين؟ فليعد العبد لذلك السؤال جوابا صحيحا عن طريق تطبيقه لهذا الدين حتى يثبته الله هناك بالقول الثابت.
إضافة تعليق جديد