بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 18 سبتمبر 2024
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد هذا هو الصحابي الجليل بلال بن رباح عندما أسلم وعلموا خبرة فقد بدأ العذاب له فقد كانوا يخرجون به في الظهيرة التي تتحول الصحراء فيها الى جهنم قاتلة، فيطرحونه على حصاها الملتهب وهو عريان، ثم يأتون بحجر متسعر كالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال ويلقون به فوقه، ويصيح به جلادوه اذكر اللات والعزى، فيجيبهم أحد أحد، واذا حان الأصيل أقاموه، وجعلوا في عنقه حبلا، ثم أمروا صبيانهم أن يطوفوا به جبال مكة وطرقها، وبلال رضي الله عنه لا يقول سوى أحد أحد، وقال عمار بن ياسر كل قد قال ما أرادوا ويعني المستضعفين المعذبين قالوا ما أراد المشركون غير بلال.
ومر به ورقة بن نوفل وهو يعذب ويقول أحد أحد، فقال يا بلال أحد أحد، والله لئن متّ على هذا لأتخذن قبرك حنانا، أي بركة، ويذهب اليهم أبوبكر الصديق رضي الله عنه وهم يعذبونه، ويصيح بهم "أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟" ثم يصيح في أمية خذ أكثر من ثمنه واتركه حرا، وباعوه لأبي بكر الصديق الذي حرره من فوره، وأصبح بلال من الرجال الأحرار، وبعد هجرة الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم والمسلمين الى المدينة، آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين بلال وبين أبي عبيدة بن الجراح، وشرع الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة آذانها، واختار بلال رضي الله عنه ليكون أول مؤذن للاسلام، وينشب القتال بين المسلمين وجيش قريش وبلال هناك يصول ويجول في أول غزوة يخوضها الاسلام، غزوة بدر.
تلك الغزوة التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون شعارها "أحد أحد" وبينما المعركة تقترب من نهايتها، لمح أمية بن خلف، عبد الرحمن بن عوف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإحتمى به وطلب اليه أن يكون أسيره رجاء أن يخلص بحياته، فلمحه بلال رضي الله عنه فصاح قائلا رأس الكفر، أمية بن خلف لا نجوت أن نجا، ورفع سيفه ليقطف الرأس الذي طالما أثقله الغرور والكبر فصاح به عبدالرحمن بن عوف، أي بلال إنه أسيري ورأى بلال أنه لن يقدر وحده على إقتحام حمى أخيه في الدين فصاح بأعلى صوته في المسلمين يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت أن نجا، وأقبلت كوكبة من المسلمين وأحاطت بأمية وابنه، ولم يستطع عبد الرحمن بن عوف أن يصنع شيئا.
وألقى بلال على جثمان أمية الذي هوى تحت السيوف نظرة طويلة ثم هرول عنه مسرعا وصوته يصيح "أحد أحد" وعاش بلال رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد معه المشاهد كلها، وكان يزداد قربا من قلب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي وصفه بأنه "رجل من أهل الجنة" وجاء فتح مكة، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم الكعبة ومعه بلال، فأمره أن يؤذن، ويؤذن بلال فيا لروعة الزمان والمكان والمناسبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني دخلت الجنة، فسمعت خشفة بين يدي، فقلت " يا جبريل ما هذه الخشفة؟ قال "بلال يمشي أمامك" وقد سأل الرسول صلى الله عليه وسلم بلال بأرجى عمل عمله في الإسلام فقال "لا أتطهر إلا إذا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي"
كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام "إشتاقت الجنة إلى ثلاثة إلى علي، وعمّار وبلال" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء، وإني أعطيت أربعة عشر، حمزة وجعفر وعليّ وحسن وحسين، وأبو بكر وعمر والمقداد وحذيفة وسلمان وعمار وبلال وابن مسعود وأبو ذر" وقد دخل بلال رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الغداء يا بلال" فقال "إني صائم يا رسول الله" فقال الرسول " نأكل رزقنا، وفضل رزق بلال في الجنة، أشعرت يا بلال أن الصائم تسبح عظامه، وتستغفر له الملائكة ما أكل عنده" وقد بلغ بلال بن رباح رضي الله عنه أن ناسا يفضلونه على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال كيف تفضلوني عليه، وإنما أنا حسنة من حسناته.
إضافة تعليق جديد