اليوم : الثلاثاء الموافق 24 سبتمبر 2024
الحمد لله مصرّف الأوقات وميسر الأقوات فاطر الأرض والسماوات أهل الفضل والمكرمات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلقنا لعبادته ويسر لنا سبل الطاعات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، جاء بالحنيفية السمحة ويسير التشريعات، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد أفضل المخلوقات وأكرم البريات وعلى آله السادات وأصحابه ذوي المقامات والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم العرصات أما بعد فاتقوا الله عباد الله وكلوا من الطيبات واعلموا الصالحات فاليوم حياة وغدا ممات، ثم أما بعد ذكرت المصادر الفقهية الكثير عن صفات أولياء الله تعالي وسماتهم، حيث قال الإمام الشوكاني رحمه الله "واعلم أن من أعظم ما يتبين به من هو من أولياء الله سبحانه أن يكون مجاب الدعوة، راضيا عن الله عز وجل في كل حال.
قائما بفرائض الله سبحانه، تاركا لمناهيه، زاهدا فيما يتكالب عليه الناس من طلب العلو في الدنيا، والحرص على رياستها، لا يكون لنفسه شغل بملاذ الدنيا، ولا بالتكاثر منها، ولا بتحصيل أسباب الغنى، وكثرة اكتساب الأموال والعروض، إذا وصل إليه القليل صبر، وإن وصل إليه الكثير شكر، يستوي عنده المدح والذم، والفقر والغنى، والظهور والخمول، غير معجب بما منّ الله به عليه من خصال الولاية، إذا زاده الله رفعة، زاد في نفسه تواضعا وخضوعا حسن الأخلاق، كريم الصحبة، عظيم الحلم، كثير الإحتمال" وإن ولاية الله تنال بتقوى الله عز وجل، ولا يجوز لإنسان أن يزكي نفسه، ويدعي أنه ولي لله، تعالي والولي من غير الأنبياء والرسل، ليس معصوما عن الخطأ والذنب، وإن أولياء الله تعالي بكل وضوح وإختصار هم أهل الإيمان والتقوى الذين يراقبون الله تعالى في جميع شؤونهم.
فيلتزمون أوامره ويجتنبون نواهيه، ويخبر الله تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقيا كان لله وليا، وأنه " لا خوف عليهم " فيما يستقبلون من أهوال القيامة " ولا يحزنون " على ما وراءهم في الدنيا، وقال عبد الله بن مسعود وابن عباس، وغير واحد من السلف أولياء الله الذين إذا رُؤوا ذكر الله، وقد ورد هذا في حديث مرفوع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء، قيل من هم يا رسول الله ؟ لعلنا نحبهم، قال هم قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس" ثم قرأ " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" رواه أبو داود، وكما أن الولاية لله متفاوتة بحسب إيمان العبد وتقواه.
فكل مؤمن له نصيب من ولاية الله ومحبته وقربه، ولكن هذا النصيب يتفاوت بحسب الأعمال الصالحة البدنية والقلبية التي يتقرب بها إلى الله عز وجل، وعليه يمكن تقسيم درجات الولاية إلى ثلاث درجات وهم درجة الظالم لنفسه وهو المؤمن العاصي، فهذا له من الولاية بقدر إيمانه وأعماله الصالحة، ودرجة المقتصد وهو المؤمن الذي يحافظ على أوامر الله تعالي، ويجتنب معاصيه ولكنه لا يجتهد في أداء النوافل وهذا أعلى درجة في الولاية من سابقه، ودرجة السابق بالخيرات وهو الذي يأتي بالنوافل مع الفرائض ويبلغ بالعبادات القلبية لله عز وجل مبالغ عالية فهذا في درجات الولاية العالية، ثم لا شك أن النبوة هي أعلى وأرقى درجات الولاية لله عز وجل.
إضافة تعليق جديد