رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 5 يناير 2025 5:56 م توقيت القاهرة

إذا خلا القلب من حلاوة الإيمان.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الجمعة الموافق 3 يناير 2025
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، ثم أما بعد إن من الدوافع التي تحرك المسلم إلى حسن التعامل هو أن يكون من خير الناس أو خيرهم، فالمسلم يبحث عن رضا الله تعالي ومحبته وأن تتحقق الخيرية في نفسه ويكون من خير الناس أو خيرهم، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "خير الناس أحسنهم خلقا" فالمسلم لايحسّن خلقه ليكسب مصلحة، وإنما لكسب رضا الله عز وجل، وهنا تستمر الأخلاق سواء رضي الناس أم لم يرضوا، وتحسنت العلاقة أم لم تتحسنن وكسب الود أم لم يكسب، فالأجر ثابت على أيّة حال.

وهذا هو ضمان الإستمرارية، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل وصائم النهار " ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "المؤمن يألف ويؤلف ولاخير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس " فإذا كان في القلب وجدان حلاوة الإيمان وذوق طعمه أغناه ذلك عن محبة الأنداد وتأليهها، وإذا خلا القلب من ذلك إحتاج إلى أن يستبدل به ما يهواه ويتخذه إلهه، وأن ينسلخ القلب من إستقباحها فتصير له عادة فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ولا كلامهم فيه حتى أنه يفتخر بذلك ويحدث به من لم يكن يعلم أنه عمله ويحدث به إخوانه وزملائه، وهذا الضرب من الناس تسد عليهم طرق التوبة في الغالب، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل أمتي معافى إلا المجاهرون " وأنها تورث الذل.

ولابد للمحبوب والتنازل له وتفسد عليه عقله وتطفئ نوره وهيبته حتى يغدو ذليلا حقيرا أمام ربه أولا ومن ثم أمام الناس، وكما أن من آثار التعلق بغير الله تعالي هو ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب وهو أصل كل خير وذهابه هو ذهاب كل خير بأجمعه، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " فإذا لم يكن هناك حياء يبعده عن القبائح فإنه يفعلها، والمقصود أن هذا الأمر يضعف الحياء حتى أنه لا يتأثر بعلم الناس بأفعاله، بل أحيانا كثيرة يخبر إخوانه وزملائه عن حاله ومن لم يستح من الله لم يستح من الناس، وكما أنها تضعف في القلب تعظيم الرب وتضعف وقاره في القلب شاء أم أبى، فلا يرى إلا بعين محبوبه ولا يفكر إلا به حتى أفسدت عليه عباداته وعظمة ربه في قلبه.

فلا يستشعرها في صلاته ولا في سائر العبادات فلا يبقى في قلبه مهابة لربه ولا مكان لمحبته ويترتب على ذلك أن يرفع الله مهابته في قلوب الخلق فيهون في أنظارهم ويستخفون به وبتصرفاته، فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس ومع ذلك يستمر في أحلامه وعالمه حتى نسي نفسه وباعها بالهوان وبأبخس الأثمان فاستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير وإستبدل محبة الله بمحبة خلقه وأصبح قلبه أسيرا لغيره، حيث قال تعالى " ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم " فهو أغفل حقوق ربه وإستبدل محبته بمحبة غيره فأهمله ربه وتركه وتخلى عنه وأنساه نفسه وحقوق نفسه عليه فأضاع أسباب سعادته وصلاحه وما يكملها فأي عقوبة هذه ؟ فهل قدر الله تعالي حق قدره من شارك بينه وبين أحد مخلوقاته في المحبة أو الإجلال والتعظيم والذل والطاعة والخضوع والخوف والرجاء ؟

فإن هذا لجرأة وتوثب على محض حقه سبحانه واستهانة به والعياذ بالله، وكما أنها تضعف سير القلب إلى الله تعالي والدار الآخرة وتعوقه وتوقفه وتعطفه عن السير فلا تدعه يخطو إلى الله عز وجل خطوة وهذا إذا لم ترده عن سيره هذا، فبعد إستقامته وإنتظامه في حلقات الذكر ومع أهل الخير والصلاح عرف الشيطان طريقه إليه فوجد العاطفة أسهل طرقه إلى قلبه فأشغله بغير الله تعالي حتى بدأ يحاكي محبوبه في لباسه وحكاياته وأخلاقه وتصرفاته شيئا فشيئا حتى عزف عن حلقات الذكر وإبتعد عن الرفقة الصالحة الناصحة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.