كتب / عصام صالح
لا شك أن الشائعات من وسائل الحروب والتدمير قديماً وحديثاً وهي من أخطر الأسلحة ومن أقوى وسائل التدمير المعنوي والمادي للأفراد والمجتمعات والشعوب لذا عقد مجمع إعلام بورسعيد بالتعاون مع المعهد الفني الصناعي بالكلية التكنولوجية ندوة حول خطورة الشائعات على الفرد و المجتمع في إطار حملة " لا للشائعات .. نعم لبناء الوطن " استضاف فيها الشيخ ياسر عبد الوهاب كبير الأئمة بمديرية أوقاف بورسعيد و شارك فيها المهندس على العربي عميد المعهد الفني الصناعي و أدارها الأستاذ عصام صالح مسئول الاعلام التنموي بمجمع إعلام بورسعيد و حضرها عدد كبير من طلاب المعهد .
و أكدت الأستاذة مرفت الخولي مدير عام إعلام القناة و مجمع إعلام بورسعيد أن المجمع يحرص على التوعية بخطورة الشائعات على الفرد و المجتمع و خاصة على الشباب و التعريف بآليات الحرب النفسية و حروب الجيل الرابع و الخامس المستخدمة في الحروب الحديثة من جانب الجماعات و الأنظمة المعادية لاستقرار الوطن و عرقلة مسيرة تقدمه و تطويره.
و أضاف المهندس على العربي أن شباب مصر هم قوتها و ثروتها الحقيقية التي ستقوم ببنائها و نقلها لمصاف الدول المتقدمة بالعمل و الانتاج و التميز و الابتكار و أن الحرب الحالية على مصر و المصريين تستهدف تدمير معنويات الشباب و زعزعة ايمانهم بأنفسهم و قدراتهم ووطنهم و لذلك ينبغي أن نحصن الشباب بالتوعية بخطورة الشائعات و الحرب النفسية .
و شرح فضيلة الشيخ ياسر عبد الوهاب معنى الشائعة و التي هي نقل خبر مكذوب أو فيه جزء من الصحة فيضاف إليه ما ليس فيه وقد تكون الشائعة عبارة عن تهويل الأحداث وتضخيم الوقائع واختلاق الأخبار ونقلها بين الناس ونشرها بين أوساط المجتمع بقصد نشر الفوضى وإثارة الأحقاد وتفريق الصف أو الانتقام من شخص أو فئة أو جماعة وقد يكون سبب نشرها تحطيم الروح المعنوية وبث الرعب وزرع الخوف والشائعة لا تنتشر في بيت إلا دمرته ولا في مجتمع إلا أضعفته ولا في أمة من الأمم إلا مزقتها وفرقت أبنائها وقضت على مقدراتها و تنتشر بين الناس بسرعة مذهلة ويتناقلوها دون تفكير أو روية.
و حذر من الخطر الكبير للشائعات وآثارها المدمرة لذلك وقف الإسلام منها موقف قوي وحاسم فحذر منها وبين آثارها وأمر بحفظ اللسان ونهى المسلم عن الكذب وقول الزور وحذر من الغيبة والنميمة والقيل والقال وأمر بالتثبت من الأقوال والأخبار وعدم التسرع بل شرع الحدود التي تحفظ للإنسان دمه وماله وعرضه ورتب على ذلك كله بما أعده لعباده في الدار الآخرة من أجر وثواب أو من حساب وعقاب.. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] و قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36] فلا شك إن استشعار أمانة الكلمة وأن المرء مسؤول عنها من أهم دوافع التثبت والتحرز قبل نقل أي حديث أو معلومة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع».
و أشار الشيخ ياسر إلى أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تعرض لحرب الشائعات في دينه وشخصه وعرضه فقالوا عنه شاعر وكاهن وساحر ومجنون وأشاعوا بين العرب هذه الأوصاف ونشروا أتباعهم في الطرقات يصدون الناس عن دين الله وينفقون الأموال وفي المدينة تزعم المنافقون بث الشائعات والطعن في الدين وتفريق الصف المسلم وتخذيله وإضعافه بل فعلوا أكثر من ذلك وأشاعوا حادثة الإفك والطعن في عرض السيدة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وأحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تكفل الله ببراءتها في آيات تُتْلى إلى يوم القيامة و أضاف أنه إذا كانت الشائعة قديماً تنتشر وتأتي بمفعولها وتصل إلى أعداد من الناس بعد فترات طويلة وتتأثر بالبيئة والمكان وأعداد الناس الذين سمعوها وتناقلوها؛ فإن الشائعات اليوم تنتشر بسرعة فائقة تفوق سرعة الصوت وسرعة الضوء ويكون انتشارها على مدى واسع وفي وقتٍ قياسي وذلك بسبب الاتصالات الحديثة وشبكة العنكبوتية (الإنترنت) وشبكة الهاتف الجوال والقنوات الفضائية والصحف والمجلات.
و في ختام الندوة أكد المحاضرون على أنه ينبغي أن ندرك خطورة الشائعات ونقل الكلام دون تثبت في تدمير العلاقات وتأجيج الخلافات وافتعال الأزمات بل يتعدى خطرها إلى حياة المجتمعات والشعوب والأوطان وعلى أثرها قد تتعطل المصالح وتفسد الحياة وعلى المسلم أن يحسن الظن بإخوانه وأن لا يتحدث بكل ما سمعه ولا ينشره فإن المسلمين لو لم يتكلموا بمثل هذه الشائعات لماتت في مهدها.
إضافة تعليق جديد