الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وأصحابه ومن اهتدي بهداهم إلي يوم الدين أما بعد إن رفعة الأمم والأفراد بمقدار ما عندها من العلم النافع، وإنحطاطها بقدر ما فيها من الجهل والضياع فعلى الأمة أن تطلب من العلم مايعود عليها بالنفع ويعلو به قدرها ويتقوى به جانبها ويكثر به جودها ويستقر به تقدمها وتأخذ به مكانتها بين الأمم ويكون سببا لرسم الصورة الصحيحة الحقة لهذا الدين في ربطه بين الدين والدنيا وسعيه بكافة شعائره وشرائعه وتعاليمه لتحقيق السعادة للمسلم في الحياتين، والعناية بعلوم الحياة على اختلاف ألوانها، عناية بعلوم الكتاب والسنة ببيان جملة وافرة من معانيهما.
بالإستعانة بما تقدمه تلك العلوم من فوائد وقواعد وما توفره من وسائل وما تستند إليه من كشوف ومخترعات ولذا عد بعض أهل العلم تقصير الأمة المسلمة في علوم الحياة المختلفة تقصيرا شائنا بحق دينها وكتابها وسنة نبيها لذا كان لزاما عليها سد هذه الثغرة وردم هذه الفجوة وتلافي هذا التقصير، فاتقوا الله عباد الله واحرصوا على الاشتغال بكل علم نافع وكل عمل صالح تبلغون به رضوان الله تعالي، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لا تغرّني صلاة امرئ ولا صومه، من شاء صام، ومن شاء صلى، لا دين لمن لا أمانة له" وإن طمأنينة النفس وراحة الضمير وسعادة الفرد والمجتمع لا تنبع إلا من خلال قيم وأخلاق حميدة، ينبغي أن تمارس سلوكا في الحياة، في السراء والضراء وعند إشتداد الفتن وكثرة المشاكل.
وإحتدام الصراعات فالأخلاق ثابتة لا تتغير ولا تتبدل لأنها فطرة الله التي فطر الناس عليها ودين أمر الله بإقامته، وربطها بالأجر والثواب والخيرية والفلاح في الدنيا والآخرة، والأمانة من هذه الأخلاق، بل هي أعظمها أهمية وأثرا في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب، ويوم أن فقدناها رأينا الخيانة، والتساهل والتقصير والتهرب من المسئولية، والغش والتحايل، والظلم والفساد، والبغي في أخلاق الناس وسلوكياتهم، ففسدت الحياة، وساءت العلاقات بين البشر، وضعف الإنتاج ودمرت دول ومجتمعات، لذلك حرص الإسلام على أدائها في كل عمل في العبادات والمعاملات، وفي البيع والشراء، وفي الوظائف والأعمال وتولى المناصب، وفي التعامل الأسري وتربية الأولاد، وحتى في معاملة غير المسلم لا بد أن يتخلق المسلم بالأمانة.
والأمانة هي خُلق سيد الأنبياء وخاتمهم صلى الله عليه وآله وسلم عرف بها وشهد بذلك أعداؤه، وقد أمر بأداء الأمانة وحفظها ونهى عن الخيانة ولو مع الخصم الخائن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" وحتى مع من خانك لا ينبغي لك أن تنزل إلى مستوى أخلاقه فتخونه فتكونوا في الإثم سواء، وبيّن المصطفى صلى الله عليه وسلم أن حفظ الأمانة وأدائها سبب من أسباب دخول الجنة فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم" منّ الله علينا أجمعين بالقيام بالأسباب النافعة والأعمال الصالحة، وحمانا من الأسباب الضارة، وهدانا إليه صراطا مستقيما، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
إضافة تعليق جديد