رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 23 سبتمبر 2024 9:33 م توقيت القاهرة

الإجتماع للتعزية.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الاثنين الموافق 23 سبتمبر 2024
الحمد لله رب العالمين نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، إن الإجتماع للتعزية مسألة من مسائل الخلاف المعتبر بين أهل العلم وللعلماء فيها اتجاهان، فالاتجاه الأول أنه لا يرى الإجتماع لأجل العزاء وأن هذا الإجتماع مكروه وهو مذهب الشافعية والحنابلة وكثير من المالكية وصرح بعضهم بالتحريم، وأقوى ما استدلوا به القائلون بالكراهة أمران وهو أثر جرير بن عبد الله عندما قال " كنا نعد الإجتماع إلي أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة " رواه حمد وابن ماجه، وأن هذا الأمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه فهو من المحدثات وفيه مخالفة لهدي السلف الصالح الذين لم يجلسوا ويجتمعوا للعزاء.
وقال الإمام الشافعي " وأكره المأتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء، فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة مع ما مضي فيه من الأثر" وقال الإمام النووي " أما الجلوس للتعزية فنص الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب علي كراهته، قالوا بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم، فمن صادفهم عزاهم ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها " وقال الإمام المرداوي ويكره الجلوس لها، هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه " وقال أبو بكر الطُرطوشي " قال علماؤنا المالكيون التصدي للعزاء بدعةٌ ومكروه، فأما إن قعد في بيته أَو في المسجد محزونا من غير أن يتصدى للعزاء فلا بأس به، فإنه لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم نعيّ جعفر جلس في المسجد محزونا وعزاه الناس" وبهذا القول يفتي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث يقول " بالنسبة لأهل الميت لا يشرع لهم الإجتماع في البيت وتلقي المعزين لأن هذا عدّه بعض السلف من النياحة وإنما يغلقون البيت ومن صادفهم في السوق أو في المسجد عزّاهم "
وأما الاتجاه الآخر فإنه فلا يرى حرجا من الإجتماع والجلوس للتعزية إذا خلا المجلس من المنكرات والبدع، ومن تجديد الحزن وإدامته، ومن تكلفة المؤنة على أهل الميت وهو قول بعض الحنفية وبعض المالكية وبعض الحنابلة، وقال ابن نجيم الحنفي "ولا بأس بالجلوس لإليها ثلاثا من غير إرتكاب محظور من فرش البسط والأطعمة من أهل البيت" وهذا القول رواية عن الإمام أحمد وقال الإمام المرداوي " وعنه الرخصة فيه لأنه عزي وجلس، وقال الإمام الخلال، سهل الإمام أحمد في الجلوس إليهم في غير موضع، وعنه الرخصة لأهل الميت، وقال الإمام ابن عبد البر في كتابه "الكافي" وأرجو أن يكون أمر المتجالسة في ذلك خفيفا" وإختار هذا القول من العلماء المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى كما في "مجموع الفتاوى" وقال الشيخ ابن باز " المقصود أن كونهم يجمعونهم ليقرؤوا ويأكلوا هذا لا أصل له.
بل هي من البدع أما لو زارهم إنسان يسلم عليهم ويدعو لهم ويعزيهم وقرأ في المجلس قراءة عارضة ليست مقصودة، لأنهم مجتمعون فقرأ آية أو آيات لفائدة الجميع ونصيحة الجميع فلا بأس، أما أن أهل الميت يجمعون الناس أو يجمعون جماعة معنية ليقرؤوا أو يطعموهم أو يعطوهم فلوسا، فهذا بدعة لا أصل له" وأما القول بأن الإجتماع للعزاء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهو من البدع المحدثة، فيجاب عنه بأن الإجتماع للعزاء من العادات وليس من العبادات والبدع لا تكون في العادات، بل الأصل في العادات الإباحة، ثم إن التعزية أمر مقصود شرعا ولا وسيلة لتحصيلها في مثل هذه الأزمنة إلا بإستقبال المعزين والجلوس لذلك فإن ذلك مما يعينهم على أداء السنة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.