رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 22 ديسمبر 2024 1:20 م توقيت القاهرة

البرامكة والطبيب السرياني إبن بختيشوع.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الاثنين الموافق 2 ديسمبر 2024
إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن البرامكة، ولقد نبغ في فترة البرامكة الطبيب السرياني جبريل بن بختيشوع، والذي أصبح طبيبا لجعفر بن يحيى، ثم ما لبث أن قدمه إلى الخليفة هارون الرشيد فصار طبيبه الخاص ونزل لديه منزلة ممتازة، وجعله رئيسا للأطباء، وكان يصير إلى جبريل من البرامكة في كل سنة ألف ألف وأربعمئة ألف درهم، وقال الجهشياري إن جبريل بن بختيشوع كان صنيعة البرامكة، وكان يقول للمأمون كثيرا هذه النعمة لم أفدها منك ولا من أبيك، هذه أفدتها عن يحيى بن خالد وولده، وخدم جبريل البرامكة مدة ثلاثة عشر سنة.
ثم خدم هارون الرشيد مدة ثلاثة وعشرون سنة حتى وفاته سنة مائة وثلاثة وتسعون من الهجرة، ثم أصبح طبيب الأمين، فلما ولي المأمون إستمر في خدمته حتى مات، وكان خالد البرمكي ينزل باب الشماسية في الموضع المعروف آنذاك بسويقة خالد، وهي إقطاع من الخليفة المهدي، وقد بنى يحيى بن خالد قصرا يعرف بإسم قصر الطين، ثم بنى فيه الفضل بن يحيى وأخوه يحيى قصران كانا يعرفان بهما وكانت قصور البرامكة في الجانب الشرقي من بغداد، وعاشوا فيها فترة حكمهم بنعمة ورخاء، وكان القصر الجعفري في وسط باب الشماسية، تحيط به طائفة من المساكن الفخمة، وقد شيدت هذه القصور على شاطيء دجلة، وأنشئت خلفها بساتين رحبة، بها الكثير من الأبنية الصغيرة وقد شابهت قصور البرامكة قصور الرشيد، وكان فيها مافي قصر الرشيد من آلات البذخ.
ونظرا لآراء خالد بن يحيى وخبرته في مضمار البناء، فقد أشار على الخليفة أبو جعفر المنصور في قصة تخطيط مدينة بغداد عام مائة وست واربعون من الهجرة، فقد روى الطبري أنه لما أراد المنصور بناء بغداد شاور أصحابه فيها، وكان ممن شاوره فيها خالد بن برمك فأشار بها، وذكر أن خالد بن برمك خط مدينة أبي جعفر له وأشار بها عليه، فلما إحتاج إلى الأنقاض، قال له ما ترى في نقض بناء مدينة إيوان كسرى بالمدائن، وحمل نقضه إلى مدينتي هذه، قال لا أرى ذلك يا أمير المؤمنين، قال ولم، قال لأنه علم من أعلام الإسلام يستدل به الناظر إليه على أنه لم يكن ليزال مثل أصحابه عنه بأمر دنيا، وإنما هو على أمر دين، ومع هذا يا أمير المؤمنين فإن فيه مصلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، قال هيهات يا خالد، أبيت إلا الميل إلى أصحابك العجم.
وأمر أن ينقض القصر الأبيض، فنقضت ناحية منه، وحمل نقضه فنظر في مقدار ما يلزمهم للنقض والحمل، فوجدوا ذلك أكثر من ثمن الجديد لو عمل، فرفع ذلك إلى المنصور، فدعا بخالد بن برمك، فأعلمه ما يلزمهم في نقضه وحمله، وقال ما ترى، قال يا أمير المؤمنين قد كنت أرى قبل ألا تفعل، فأما إذا فعلت فإني أرى أن تهدم الآن حتى تلحق بقواعده لئلا يقال إنك قد عجزت عن هدمه، فأعرض المنصور عن ذلك، وقد خلَّف البرامكة الكثير من أعمال البناء الكبيرة، فقد حفر يحيى نهر القاطول، وإستخرج نهرا سماه أبا الحيل، وأنفق عليه وعلى حفره عشرين ألف ألف درهم، وتعد مدينة سيحان بالبصرة من أهم أعمال يحيى البرمكي، ولما صار الفضل إلى خرسان بنى الحياض والمساجد والرباطات وغيرها، ويقال إن الفضل هو أول من أدخل إستعمال المصابيح في الجوامع في شهر رمضان، كما أنه بنى مسجدا جامعا في بخاري وحفر قناة جديدة في بلخ.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.