رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 22 ديسمبر 2024 1:29 م توقيت القاهرة

التحذير من قرناء السوء.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأربعاء الموافق 16 أكتوبر 2024
الحمد لله فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة القوي الجبار، شديد العقاب وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، رب الأرباب ومسبب الأسباب وقاهر الصلاب وخالق خلقه من تراب قاصم الجبابرة وقاهر الفراعنة والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعباد، ليبين لهم الحلال والحرام وليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أما بعد إن الصديق الصالح يحفظ صاحبه في حضرته وغيبته، والصديق الصالح يدافع عن صاحبه في السر والعلانية، ويصون عرضه، ويبعد عنه الشبهات، ويتحمل الأذى من أجله، فقيل أنه أسر المشركون زيد بن الدثنة رضي الله عنه في غزوة ذات الرجيع، ولما أرادوا قتله، قال له أبو سفيان بن حرب أنشدك أي أستحلفك الله يا زيد، أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟
قال والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان ما رأيت مِن الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا" وإن من حق الصديق علي صديقه هو العفو عن الزلات والهفوات، فإن هفوة الصديق إن كانت في دينه، فلا بد من التلطف في نصحه، وأما زلته في حقه بما يوجب إيحاشه فلا خلاف في أن الأولى العفو والإحتمال، بل كل ما يحتمل تنزيله على وجه حسن ويتصور تمهيد عذر فيه قريب أو بعيد، فهو واجب بحق الأخوة، فقد قيل " ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذرا، فإن لم يقبله قلبك، فرد اللوم على نفسك، فتقول لقلبك ما أقساك يعتذر إليك أخوك سبعين عذرا فلا تقبله فأنت المعيب لا أخوك، وينبغي ألا يبالغ في البغضة عند الوقيعة.
فقال الله تعالى كما جاء في سورة الممتحنة " عسي الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة " وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه " لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا " وهو أن تحب تلف صاحبك، وإنه ينبغي علينا التحذير من قرناء السوء، فإن قرناء السوء هم أكثر الناس ضررا على إيمان الشخص وسلوكه وأخلاقه فمصاحبتهم سبب عظيم من أسباب نقص الإيمان وضعفه، وإن قرين السوء هو الذي يزيّن القبيح، ويقبّح الحسن، وإن إنتشار الكثير من الأمور السيئة، كالتدخين وتناول المخدرات والخمور، والسرقة، والسير في طريق الرذيلة، يرجع، غالبا، إلى أصدقاء السوء، الذين يدلون أصدقاءهم على الفساد، والسير في طريق الهلاك، ولذلك يجب على الآباء في المنازل، والمدرسين في المدارس.
ورجال الدين في دور العبادة، ورجال الإعلام، في جميع وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمرئية والمسموعة وأن ينصحوا الشباب دائما بالإبتعاد عن مصاحبة أصدقاء السوء، ويحذروهم من سوء العاقبة، مع ضرورة ذكر بعض النماذج الواقعية لهذه الصداقة الكاذبة، وما ترتب عليها من نتائج سيئة، فقال الشيخ أبو حامد الغزالي رحمه الله أصل تأديب الصبيان الحفظ من قرناء السوء، وقال إبراهيم الحربي رحمه الله جنبوا أولادكم قرناء السوء قبل أن تصبغوهم في البلاء وهو الإختبار كما يصبغ الثوب، وقال رحمه الله أيضا أول فساد الصبيان بعضهم من بعض، وقال أكثم بن صيفي رحمه الله الإفراط في مصاحبة الناس يكسب قرناء السوء، وقال الجاحظ رحمه الله إني لا أعلم في جميع الأرض شيئا أجلب لجميع الفساد من قرناء السوء.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.