رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 19 أبريل 2024 3:54 ص توقيت القاهرة

الدنيا والموت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الله عز وجل يرغّب المؤمنين في الأعمال الصالحة فيجعل لهم ثوابا عظيما على ذلك، وإن من الأعمال الصالحة الكثير والكثير ومنها تشييع الجنائز فيقول النبي صلى الله عليه وسلم " من اتبع جنازة مسلم إيمانا وإحتسابا فصلي عليه ثم انتظر حتي يوضع في قبرة كان له قيراطان أحدهما مثل أحد ومن صلي عليه ثم رجع كان له قيراط" فإذا شيعناه إلي مثواه الأخير كانت له بشرى فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن أول ما يتحف به المؤمن في قبرة؟ فقال صلي الله عليه وسلم " يغفر لمن تبع جنازته" فيعطينا الله عز وجل ثواب جبل من الأجر والثواب على الصلاة وثواب جبل من الأجر والثواب على التشييع ثم يغفر الله تعالي لنا أجمعين إذا شيعناه إلي مثواه الأخير. 

كل هذا حتى يفرح المؤمنون بفضل الله تعالي ويعلمون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمتي أمة مرحومة متاب عليها تدخل قبورها بذنوبها وتخرج من قبورها لا ذنوب عليها تمحص عنها ذنوبها باستغفار المؤمنين لها" ولنعلم أن كل ميت مرهون بدينة، فإذا أدينا ما عليه من ديون استقر وكنا قد بررناه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل مات أخوه وعليه دين " إن أخاك محبوس بدينة فاذهب فاقضي عنه" ثم بعد ذلك ندعوا له الله ونقرأ له كتاب الله ونتصدّق عنه وخير الصدقة الصدقة الجارية التي يدوم نفعها للفقراء من عباد الله، ونذكره دائما بالخير ولا نذكر خطاياه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذكروا محاسن موتاكم" فهذه تلك القبور التي غيبت فيها أجساد تحت التراب. 

تنتظر البعث والنشور وأن ينفخ في الصور، وقد اجتمع أهلها تحت الثرى، ولا يعلم بحالهم إلا الذي يعلم السر وأخفى، وإن من أكثر من ذكر الموت، أكرم بثلاثة أشياء، تعجيل التوبة، وقناعة القوت، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت، عُوقب بثلاثة أشياء، تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل في العبادة، وقيل أنه دخل رجل على أبى ذر الغفارى رضى الله عنه، فجعل يقلب بصره في بيته، فقال يا أبا ذر، أين متاعكم؟ قال إن لنا بيتا نوجه إليه صالح متاعنا، قال إنه لا بد لك من متاع ما دمت ها هنا، قال "إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه" فتأمل في هذا الفقه النبيه، إذ قال أبو ذر "إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه" فالمنزل للدنيا، وصاحبها هو الله عز وجل.

وقد قال الله تعالى فى سورة غافر "يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخره هى دار القرار" وهذا رجل من الرجال المستعدين للرحيل، هذا الرجل هو الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، فى يوم من الأيام صلى بالناس العيد إماما، وبعد الصلاة مر على مقبرة، فنزل عن بغلته وكان هذا موكبه، وعنده بعض أصحابه، فقال لمن عنده انتظروا، فذهب إلى المقبرة، وأخذ ينظر إلى القبور، وهو يقول أيها الموت، ماذا فعلت بالأحبة؟ أيها الموت وهو يكلمهم ماذا صنعت بهم؟ فلم يجبه أحد، ثم خرّ على ركبتيه وبكى، فإنها القبور، إنه منزل كل انسان مر عليه يوما من الأيام وتفحصه، هل تحمل معك أثاثا، أو يدخل معك فيه أحد؟ بعد أيام ولعله بعد لحظات سوف تسكنه وأنت لا تدري، فإنها غفلة وأى غفلة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.