اليوم : الاثنين الموافق 7 أكتوبر 2024
الحمد لله العلي الأعلى أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ووفق العباد للهدى، فمنهم من ضلّ ومنهم من اهتدى، نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على فضله وإحسانه، فالخير منه والشر ليس إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما أحد أصبر علي أذي سمعه منه يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم، آمنا به، وعليه توكلنا، وإليه أنبنا وإليه المصير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أوذي فصبر، وظفر فشكر، أقام الحجة، وأوضح المحجة، وأرسى دعائم الملة، فمن تبع سنته رشد، ومن حاد عنها زاغ وهلك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يشنؤهم إلا منافق، أئمة هدى وفضل، ودعاة خير ورشد، ترضى عنهم ربهم سبحانه في قرآن يتلى إلى آخر الزمان، على رغم أنوف أهل البدعة والنفاق، وارض اللهم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد.
إن من الناس من يسخرون من أحكام الدين وأخلاقه بدعوى أنها تقيد الحريات الفردية، فهم يريدون أن يعيشوا في هذه الدنيا كما يشاؤون ويشتهون، وكما تملي عليهم أهواؤهم وتميل إليه شهواتهم، ومن ذلك هو الإستهزاء بالأنبياء والرسل، فالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وهم أشرف خلق الله تعالي لم يسلموا من سخرية أقوامهم وإستهزائهم بهم، هكذا كان دأب الكافرين في كل الأمم يسخرون من رسلهم وأنبيائهم، ويتهمونهم بكل عيب ونقيصة، كأنما تواصوا بهذا الإستقبال على مدار القرون، وما تواصوا بشيء إنما هي طبيعة الطغيان وتجاوز الحق والقصد، تجمع بين المنحرفين من الغابرين واللاحقين، فهذا نبي الله نوح عليه السلام يقابله قومه بالسخرية والإستهزاء، يضحكون منه ويسخرون منه حين رأوه يصنع السفينة في الصحراء.
وهذا نبي الله هود عليه السلام أرسله الله إلى عاد فسخروا منه، وهذا نبيّ الله صالح عليه السلام أرسله الله إلى ثمود فسخروا منه، وهذا نبي الله لوط عليه السلام أرسله الله إلى قومه فنهاهم عن فاحشة اللواط، وإتيان الرجال شهوة من دون النساء، فسخروا منه، وهذا شعيب عليه السلام يقابله قومه بالسخرية والاستهزاء فيصبر ويحتسب، أما نبينا المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم فقد لاقى من الإستهزاء والسخرية ما تتفطر له القلوب، وقد واجه المصطفي صلى الله عليه وسلم سخرية قبائل العرب المشركين في الفترة المكية، وواجه سخرية وإستهزاء المنافقين واليهود في الفترة المدنية، وكان في شأن المنافقين الذين يسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، ويزعمون أن ذلك مجرد لعب ومزاح.
فإن السخرية والإستهزاء مرض ينمّ عن كبر وغرور في قلب صاحبه، فلا يرى لإخوانه عليه حق التوقير والإحترام، بل يأنف من أخوتهم ويأبى مجالستهم تكبرا وغرورا، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة؟ قال صلى الله عليه وسلم "إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس" وغمط الناس هو إحتقارهم وازدراؤهم وذلك حين ينظر المرء إلى نفسه بعين الكمال وإلى غيره بعين النقص، فيا عزيز يا غفار، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين.
إضافة تعليق جديد