رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 10 يناير 2025 12:30 م توقيت القاهرة

السعي لإدرك الغاية

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 26 أكتوبر 2024
الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد روي أن الريح حملت كرسي نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام وجعلت تسير به فلاح لسليمان بلد فامر الريح أن تحطه فنزل على باب ذلك البلد فرأى على بابه مكتوبا أجرة إجتهاد يوم واحد درهم والحسن والجمال أجرتهما في يوم مائتا مثقال وعلم ساعة واحدة لا تحصى قيمته وجميع الأشياء منوط بالعلم والعلم أسير والتدبير مع العقل توأمان ون آتاه الله العقل فقد آتاه خيرا كثيرا كما قال الشاعر‏ ان كنت من أصل جوهر منسوب أو يوسف الحسن ولد يعقوب ما أنت مجالس بعقلك المحبوب في الناس سوى محقر معيوب. 

لتعلم أيها الأخ كنه العقل ونفاسته وعلو قيمته فيجب عليك أيها العاقل الحمد والشكر لواهب الشكر الباري جلت قدرته‏، وإن ما من عاقل في هذه الحيا ة إلا وله هما في هذه الحياة وهدف يسعى لتحقيقه، ورسالة يود أداءها، فكل أحد يحمل بين جوانحه هما وهدفا يحركه في هذه الحياة ويوجه طاقاته لتحقيقه، وإنظر معى إلى أربعة من أبناء سادات قريش هم عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير، وأخوه مصعب بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، فقد إجتمعوا ذات يوم بفناء الكعبة، فقال لهم مصعب تمنوا، فقالوا ابدأ أنت، فقال ولاية العراق وأتزوج فلانة وفلانة وسماهما، وتمنى عروة الفقه في الدين، وتمنى عبد الملك الخلافة، وتمنى ابن عمر الجنة، فسعى كل منهم لإدراك غايته. 

وإستجمع قواه في تحقيق أمنيته، فنال مصعب ولاية العراق وتزوج بمن سمى، ونال عروة الفقه فكان من الأئمة العظام ومن فقهاء المدينة السبعة، ونال عبد الملك الخلافة والملك، وإجتهد ابن عمر في طلب الجنة، ونرجو أن يكون من أهلها، فانظروا معى جميعا إلى مطالب الأربعة وماذا عن همهم في الحياة، فإبن عمر الذي تربى بين يدي رسول اله صلى الله عليه وسلم كان أسمى الأربعة همة وأنبلهم طلبا، فكان هدفه أنبل، وكانت أمنيته أسمى، ومع أن مطالب الأربعة كلها في حدود المباح، لكن شتان بين من جعل همه بلوغ الجنة أو الفقه في الدين وهو طريق إلى الجنة، وبين من جعل همه التزوج بامرأة أو نيل منصب زائل. 

إن تركه الناس فيه فلم يخلعوه لم يتركه الموت حتى ينزله من كرسيه ويقذف به تحت التراب، إذن فهمم الرجال تتفاوت، فمن الناس من همه جمع الدراهم وتكثيرها، ومنهم من همه نيل المناصبِ والترفع بها، ومنهم من همه أن يصبح لاعبا يركض في الملاعب فتصفق له الغوغاء ويعظم في أعين الدهماء، ولا تزال الهمم تدنو وتدنو حتى إن من الناس من همه أن يكون مغنيا يتمايل طربا فيتمايل معه السفهاء، ومنهم من همه في الحياة امرأة يرى أنه إن ظفر بها فقد فاز فوزا عظيما، وإلا فقد فاتته الحياة، ومن الناس من همه بطنه، ومنهم من همه نزواته وهكذا، وكل يسعى لإدراك غايته وتحقيق أمنيته جليلة كانت أم حقيرة، خيرا كانت أم شرا، فمن أجل هذا ينبغى أن نقف وقفة نظر من خلالها كيف علم النبى أصحابه أن يكونوا أصحاب ههم عالية.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.