هل اشتريت الوهم يوماً؟ أم تسلمته كهدية ملفوفة بورق أنيق، جميل، أم أنها رسالة منها أخطأت أنت فهمها فتوهمت حبها؟ كم وهم منهن أسر القلوب؟ قد يبدو لك الأمر غريباً، أو غير واضح، كيف لشخص أن يشتري الوهم؟ ولكن السؤال الأهم من ذلك هو مَن يبيع الوهم؟ وكيف يصنعه، ومن أين له بتلك الحرفية العالية في إبداع تفاصيل الحب الضبابى، بشكل جذاب من دون أي مضمون يُلمس؟
دعينى أتجمل فأكذبُ عليك ؛ ،، أنا بعدكِ بخير ، لم يتحول قلبي إلى مضخة تافهة لأنكِ غادرته ، ووجهكِ لم يعد قِبلته وصار بإمكانه أن يتجه حيث شاء ، دمي بخير مذ كفّ عن حملكِ والجريان بك في كل أنحاء جسدي ،، شرايني لا تسأل عنكِ حين يعبرها دمي ولستِ فيه ،، وخلاياي لم تقل لدمي : لستُ بحاجة لأوكسجينكَ هذا آتِني بها لأتنفس ،، الشهيق بعدكِ ليس محاولة غبية للاستمرار على قيد الحياة والزفير ليس حاراً كما تعتقدين فلم يحرقني جمر رحيلكِ.
لكنك أتيتِ لا لشىء سوى أن تبيعى لى الوهم ، لا تكذبى فأنتٍ لم تعرفى للحب سبيل ... يا بائعة الوهم صنعتٍ الوعود ونسيتى الوفاء بها، كنتٍ من تمنح الأمل وتتبعه بالخذلان، من ترسم مخطط السعادة، لتسكب عليه حبر التعاسة فيما بعد، من صنعتٍ الأحلام، ثم نسفتها بالكوابيس، من تكتب الأشعار الحالمة، ثم تختار لها لحناً حزيناً.. لقلبك لم يمكن لى... قلبك لم أسكن فيه.
سيدتى ... تعالى أكمل الكذبة... ساعديني أكمل التجمل فأنا بعدكِ بخير ؛ أستطيع أن أعدّ إلى العشرة دون أن أستعين بأصابعكِ ، وأستطيع أن أعدّ إلى المئة دون أن أستعين برمشيك ِ ،وأستطيع أن أعدّ إلى الألف دون أن أستعين بشعرك ِ! ، وأستطيع أن أعدّ إلى المليون دون أن أغشّ عن نبضات قلبك ِكما ترين أنا أتدبر أموري دونكِ ،،
أنا بعدكِ بخير أُميّز بين النهار والليل فليست حياتي كلها ليل دونكِ
الأمر يسير وليس كما كنتُ أظن
النهار ليس حين يُشرق وجهكِ وإن أشرق منتصف الليل، والليل ليس حين تودعيني وإن ودعتِني عند الظهيرة عادت أوقاتي إلى رشدها
الدقيقة معكِ كالدقيقةِ دونكِ
الدقيقة معكِ ستون ثانية والدقيقة دونكِ ليست ستين وجعاً . الساعاتُ لا تحتاجكِ معي لتمضي بسرعة
، أنا بعدكِ بخير فصولي أربعة ، خريفي أسقط كل أوراقي فلا تحسبي أن ما عرّاني هو غيابك وشتائي لا يحتاجكِ ليصير صيفاً في ثانية !
وربيعي ليس ضحتكِ ،وفي الصيف أتدبر أمر سنابلي وحدي دون الحاجة لتحصدني نظراتك ِ
خبيرة أنتٍ في سرقة الفرحة، تتغذى على الوعود الكاذبة، التي تصنع السعادة المؤقتة، المتبوعة بكسر، قد تهشم ما بداخلى.. وتحتاج فيما بعد لكثير من الوقت لتجبره، وتلملم أشلائى النفسية المحطمة.
غالباً بائعو الوهم، يحملون صفات مشتركة، فهم اجتماعيون، يعاشرون الجميع من دون تردد، غير مسؤولين عما يقولون، أو بما يعدون، ويرددون عبارة «نعيش اللحظة» باستمرار، تلك العبارة السامة القادرة على تدمير أحلام كثيرة
أنا بعدكِ بخير قهوتي مُرّة ويمكن الاستعاضة عنكِ وتحليتها بشيء من السّكر . الجروح في يدي تشفى دون أن تمرري أصابعكِ عليها ، وقطعة الشوكولا حلوة وإن لم تلمس شفتيكِ كما اعتدتُ أن آكلها بعد أن تأخذي منها القضمة الأولى ، حتى ساعتي انضبطت على فراقكِ فلم تعد تُقدّم ولا تُؤخر فكما تعلمين كان كل شيء بي يسكر من رائحتك ِ، أنا لا أفتقدكِ
لا أحتاج أن يخرج اسمي من فمكِ لأقتنع أنه يخصّني . ولا أحتاج يدكِ في يدي لأقتنع أنها لي، ولا أحتاج أن أقول لكِ أحبكِ لأقتنع أني لستُ أبكماً
ولا أحتاج أن أكتب اسمكِ في مطلع الرسائل لأقتنع أني لستُ أمياً ،،
أنا لا أشتاقكِ ؛ لا أشتاق لأن تمسكي يدي في الطريق وتقوديني كالضريرِ حيثُ شئتِ ، لا أشتاق لتعقدي لي أزرار قميصي ، لا أشتاق لصوتكِ ، لا أشتاق للغمازة على خدكِ لا أشتاق لعطرك ، لا أشتاق لأصابعك ترسم حدود وجهي وتعلنني دولة مستقلة عاصمتها أنتِ، الحمقى الذين جاؤوا قالوا قبلنا : " يخلق من الشبه أربعين "وأنا أسامحهم بتسع وثلاثين امرأة يشبهنَكِ، وابحث عن امرأة واحدة تشبهكِ لأقنع نفسي أن جنوني بكِ ليس مبرراً. أطوف الأرض بحثاً عن نسخة ثانية لكِ ولو كانت مُقلدة فلا أجد، تعالي أصدُقكِ القول ؛ أنا حين أقول لا أحبك ِ ، فإني أحبكِ وحين أقول لا أشتاقك ِ ، فإني أشتاقكِِ وحين أقول لا أفتقدك ِفإني أفتقدكِ ؛فأنا لست محطة عبور أو نشوة عابرة.
وتلك قصة بائعة الوهم وسماتها فهى غالباً ما يكون لديها حياة موازية لما تُظهره للناس، قد تملك جانباً مظلماً، تكون فيه الأنثى ضحية بدل الجلاد، تقرر خلق حياة موازية، تكون هى بطلتها، بلحظات عابرة، لا تبالى بمحطّات العبور، وغير مهتمة بالمشاعر التي تدعسها في كل محطّة.
وهؤلاء ضحايا بائعة الوهم، فهم بعشقون اللحظات العابرة، غالباً ما يكونون بسطاء، حالمين، يعتمدون على مخيلتهم وعواطفهم، يحسنون الظن بمن حولهم، كما أن خبرتهم في الحياة تكون شبه معدومة. أو فيهم الكثير من روح الطفولة، ينعمون بمخيلة تعتمد على ما جمعته من أعمال الكرتون الخيالية.
ما لا تعرفونه، هو أن ملوك العاطفة الحالمين، من يُسلِّمون المشاعر زمام الأمور، هم أكبر فريسة لبائعات الوهم، لأنهم يسهل السيطرة عليهم، بكلمات رقيقة، وتصرفات أنيقة، وبعض المواقف الحالمة.
لا يقتصر بيع الوهم على العاطفة وبين العشاق الوهميين فقط ، لكن بيع الوهم أيضا تجده فى عالم الأدب فهناك أدب زائف ببيع السمك فى الماء كما باع نجوم السماء: الكاتب الذى يستغل ضيق ذات اليد للبعض وتعثرهم ماديا، فيقوم ببيع الكلام لهم والأوهام ليس بكاتب ولا أديب. فكتاب مثل «كيف تصبح مليونيرا» يشتريه الفقير الذي لا يجد قوت يومه، لكنه لا يجد بين صفحاته دينارا واحدا وأعتقد ان هذا الفقير وأمثاله من الباحثين عن الثروة من دون تعب أو جهد مصيرهم الجنون.. فلا استفادوا بما لديهم من مال ووقت ولا حققوا الملايين التي يحلمون بها كما يدعي الكتاب.. وهذا ما يسمى «رزق الهبل على المجانين». لا شك أن هناك غياب لدور الرقابة على ما يُنشر ويُباع. بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني وقلة الحيلة وعدم التوكل على الله
هناك وهم يُستمع إليه فى بعض اغانى المهرجانات، فى بعض البرامج الفضائية التى لا تقدم آراء صحيحة بل آراء مفبركة ومدفوعة، بعض من الصحافة أو ما يسمى بالصحافة الصفراء التى تلعب على مشاعر الناس وتهوّل في نشر الاخبار وتعكس الحقائق وتشوهها وتجد مصداقية عند الناس. كل هذا ينطبق عليه المثل القائل «رزق الهبل على المجانين».
ولكن داين تدان: فأغلب الناس يستغل بعضهم بعضا فمن كان اليوم ذكيا يصبح غبيا في الغد ويقع ضحية لمكر وذكاء الآخرين وهكذا.
وهذا شابٌّ في مقتبل العمر ، يعاني فراغًا كبيرًا في وقته، ومع الأسف هناك أحيانًا رجلًا ناضجًا متزوجًا ولديه أولاد، لكنه يتصرف تصرفات المراهقين، أو تصرفات من لا مروءة له ولا أمانة. كلاهما يشعر بالملل، ويبحث عن سعادة تائهة؛ فتراه يقضي على هذا الملل بالحديث مع الفتيات عبر صفحات الفضاء الأزرق، ويحاول أن يكون مع كل واحدة الشخص الذي تبحث عنه؛ فهو مثقفٌ وناضج مع المثقفة، وصاحب دين مع من يكون سَمْت صفحتها التدين، ومنفتح و متحرر مع من تحب هذا النوع من الرجال.
يطرق باب إحداهن الخاص، فتفتح له واحدة، وتتجاهله أخرى، وثالثةٌ تصدُّه بقوة وحزم قائلةً له: «اذهب.. ليس هنا مبتغاك». الأخيرة قد اختصـرت عليه الطريق؛ فيتركها وشأنها، فهي من النوع الشرس الذي لا يتهاون مع اللاهين المتسكعين في شوارع (الفيس بوك).
يحاول مع الثانية مراتٍ ومرات، ولا يملُّ طالما أنها لم تكن حازمة منذ البداية، فهذا يعني له أنها تتمنَّع فقط، لكن ستَلِينُ مع الوقت، فيهتم بصفحتها ويعجب بكل ما تنشره، غثًّا كان أم سمينًا، ويعلق تعليقات تناسب عقليتها، وبالطبع يجيد اختيار ما ينفذ سريعًا إلى قلبها. وفي الوقت نفسه يرسل إليها رسائله على الخاص، ولن يقنع إلا باستمالتها والحديث معها.
ويظل يتقلَّب من واحدةٍ لأخرى.. يضحك مع هذه، ويفضفض مع تلك لتفضفض معه، ويراسل هذه بصورة لترسل إليه صورة، ويتجرَّأ على تلك؛ لأنها منذ البداية تجرَّأت عليه، فيتحدث معها وكأنها زوجته. ويتباهى أمام أصدقائه بتعدُّد علاقاته، وكثرة صديقاته.
وكلهن عنده سواء، فهو يتسلَّى فقط، ويحبُّ التعارف، وبالطبع لا يتعارف على من مثله من الشباب، بل يتعرف على النساء فقط، فهو يبيع لهنَّ الحبَّ، ويمنحهنَّ كلامًا معسولًا، ووعودًا كاذبة، وآمالًا خدَّاعة.
وإذا تورَّط مع إحداهن.. أو ملَّ منها، فالحلُّ عنده يسير، فبزيارة خفيفة إلى صفحتها وبالضغط على خيار (الحظر) ينتهي كل شيء. ولا يهمه ما يخلفه وراءه من قلبٍ كسير، وعينٍ باكية، وفتاةٍ مخدوعة ومجروحة، ويبرر لنفسه قائلًا: «هي من فتحت لي، وهي من تتسلَّى، أنا لم أرغمها على شيء». وإذا سألته: «أترضاه لأختك؟» يردُّ بكل جرأة: «أختي لا تفعل مثلها؛ أختي بنت ناس، وهذه ومن على شاكلتها لسن بنات ناس».
رجالٌ كثيرون مثل بائع الحب هذا، يتسلَّون بجراح ضعيفات القلوب من النساء.
فيا مَنْ غرَّتك دنياك، وساقك شيطانك لمثل هذه الأفعال، استحِ من ربك، واتقِ الله في بنات الناس، ولا تظننَّ أنك ستفلت بكل تلك الجراح التي تسببها لنساء ضعيفات القلب والدين. وثق تمام الثقة أنه كما تهدم بناءً انحنى ظهر أبٍ مسكين في تشييده، فحتمًا سيأتي غدًا من يهدم بناءك، ويسقيك من الكأس نفسها.
ويا من تستهين بنفسها، وتضيع كرامتها على عتبات هؤلاء المتسكعين، وتهين أباها وتسيء إلى إخوتها وأهلها: اتق الله في نفسك، ولا تنخدعي وراء هؤلاء الباعة الجائلين، فهم لا يبيعون حبًّا، بل يبيعون وهمًا ودجلًا، ثم يتركونك تكابدين جراحك وآلامك، غير عابئين بكِ ولا بقلبكِ الكسير. وربما أضرَّ بكِ أحدهم، فيصبح لكِ مصدر قلقٍ وألمٍ كنتِ في غنًى عنهما.
من يستحقك حقًّا هو من يحترمك ويخطب ودَّ أبيك، ويأتي البيوت من أبوابها، فانتظريه، فهو رزقك الذي سيساق إليك، فلن تموتي حتى تستوفي هذا الرزق، ولا تستبطئي رزق ربك بمعصيته.
إضافة تعليق جديد