رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 1 ديسمبر 2025 11:17 ص توقيت القاهرة

القلب الذي فيه ندائين وقوتين ودافعين

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن من أنواع القلوب هو القلب المتقلب، وهو القلب الذي فيه ندائين وقوتين ودافعين نداء الايمان وقوة الدين ودافع التقوى من جهة ،ونداء المعصية وقوة الشهوةالمحرمة ودافع الفسوق والحسد والكبر فهو في صراع وحرب مستعرة يميل لدواعي الإيمان والبر والتقوى إذا قويت دواعيها في قلبه في مواسم الطاعة أو عند الموعظة فيستجيب لله تعالي ولرسوله صلى عليه وسلم وإذا غفل وخالط الفسقة وإبتعد عن مواطن الذكرى والعلم والجماعة تردى في أوحال الشهوات وهذا الوضع يصوره قول الحق سبحانه وتعالي " والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما " وقوله تعالي " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم" 

وفي الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد " قلب المؤمن أشد تقلبا من القدر في غليانها " وكان أكثر قسم النبي صلى الله عليه وسلم "لا ومقلب القلوب" والحديث "تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه، وقلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض " والحديث الاخر " إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة فأما لمة الشيطان، فإيعاد بالشر، وتكذيب بالحق وأما لمة الملك، فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك، فليعلم أنه من الله، فليحمد الله ومن وجد الأخرى، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ قوله تعالي " الشيطان يعدكم الفقر ويأمر بالفحشاء " رواه الترمذي.

وتأثير البيئة والصحبة والعادة والفراغ كبير في هذا التردد، وكما أن من أنواع القلوب هو القلب الحي، وهو القلب السليم الحي الصحيح المعافى من امراض القلوب، سلم من أمراض الشبهات والشهوات توحيده صاف، وإيمانه عميق، وعبوديته متحققة، وإستنار قلبه بنور الإيمان، وعمر بالتقوى، وإستضاء بأنوار المحبة والخشوع والإنابة والاخلاص لله تعالى، واطمأن بالتوكل على الله والإستعانة به والرجاء برحمته، يؤثر رضا الله على شهوته، ويستجيب لامر الله على هواه، يأنس بذكر الله وتلاوة كتابه والاقبال عليه وعبادته والتذلل بين يديه، حُبب اليه الايمان وزُين في قلبه، وكرُه اليه الفسوق والعصيان، وقد سئل الجنيد عن محبة رب العالمين فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال عبد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه، أحرقت قلبه، عظمته وهيبته.

فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله وإن تحرك أو سكن فبأمر الله فهو بالله ولله ومع الله فبكى القوم وأجهشوا بالبكاء وقالوا ما على هذا مزيد، وصاحب هذا القلب يهنأ بطيب العيش في الدنيا ونعيم الجنة في الاخرة ، فيا أيها المؤمنون اتقوا الله تعالى وراقبوه سبحانه مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه وكونوا له جل وعلا من الذاكرين ولنعمه سبحانه من الشاكرين وعلى طاعته جلَّ في علاه مقبلين، وتأملوا مليّا في قول نبينا المصطفي عليه الصلاة والسلام " إن الله جميل يحب الجمال " فإن هذه الكلمة جمعت يا معاشر المؤمنين بين أصلين عظيمين فأولها معرفة وآخرها سلوك، فأولها وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام " إن الله جميل " وهذا أمر يجب علينا أن نعرفه عن ربنا وخالقنا جل وعلا، وأن الله سبحانه جميل في أسمائه وصفاته وأفعاله وذاته. 

فله تبارك وتعالى الأسماء الحسنى والصفات العلا والأفعال الكاملة، وله تبارك وتعالى ذاتا بلغت في الجمال والكمال والعظمة ما لا تدركه عقول الناس، وآخر هذا الحديث سلوك في قوله صلى الله عليه وسلم " يحب الجمال " فالله سبحانه وتعالي يحب من عباده الجمال بأن يتقربوا إليه جل في علاه بكل جميل حسن، ألا وهو شرعه الحكيم ودينه القويم، وصراطه تبارك وتعالى المستقيم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
16 + 4 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.