اليوم : الاثنين الموافق 28 أكتوبر 2024
الحمد لله الذي امتن على عباده بالأسماع والأبصار وكرم الإنسان ورفع له المقدار، واصطفى من عباده المتقين الأبرار، فوفقهم للطاعات وصرفهم عن المنكرات وأعدّ لهم عقبى الدار، أحمده سبحانه فهو الذي خلق المنطق واللسان، وأمر بالتعبد وذكر الرحمن ونهى عن الغيبة ومنكر البيان، فسبحانه من إله عظيم يحصي ويرقب ويرضى ويغضب، وينصب الميزان، يوم تنطق الجوارح وتبين الفضائح، فإذا هم قد أحصيت أعمالهم، وهتكت أستارهم وفشت أسرارهم ونطقت أيديهم وأرجلهم، فأشهد أن لا إله إلا هو الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده المصطفى ونبيه المجتبى ورسوله المرتضى الذي لا ينطق عن الهوى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين أما بعد.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعدل الخلق بين نسائه وكان له تسع أبيات لزوجاته في نفس الوقت وفي يوم كان الدور لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فأعدت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها طعاما يحبه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن دورها في ذلك اليوم، وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها يعني أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فجاءت السيدة عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة ويقول كلوا غارت أمكم مرتين ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة السيدة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صحفة أم سلمة عائشة" رواه النسائي وأبو داود وابن ماجة ومالك، فماذا كان رد النبي صلى الله عليه وسلم؟
هل غضب؟ هل قال صلى الله عليه وسلم لها أنت طالق أو ضربها كونها أحرجته أمام صحابته؟ بل صار يلملم الطعام عن الأرض بيديه الشريفتين ويقول غارت أمكم غارت أمكم وكلوا ولم يزد على ذلك ولكن أمرها بتعويض أم سلمة بدل صحفتها، وقيل أنه أهدي إلى أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها زلعة عسل وكانت تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى، فادخرته له حتى تستأثر بالنبي صلى الله عليه وسلم وقتا زيادة عن زوجاته وفعلا حصل لها ما أرادت فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم يخرج كل يوم بعد صلاة العصر فيذهب إلى بيت زينب ليأكل العسل، وبعد أيام إكتشفت السيدة عائشة وحفصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم عند زينب كل يوم وعرفن السبب وكانت عائشة وحفصة في حلف واحد مع بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
وزينب وأم سلمة في حلف مع بعض الزوجات الأخريات، فإشتغلت الغيرة والكيد على من؟ على خير البرية فدبرن مكيدة واتفقن على تنفيذها، فقالت السيدة عائشة للسيدة حفصة عندما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم عندك فقولي له إليك عني لعلك أكلت مغافير وهو طعام كريه الرائحة، وعندما يأتي عندي أقول له نفس الشيء فيتيقن أن لرائحة العسل شيء كريه، فلا يذهب عند زينب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن يخرج منه رائحة كريهه، وكانت رائحته كرائحة المسك من غير طيب ولكن إذا أخبرك شخصان بنفس الشيء تصبح تشك في نفسك وهذا ما حصل مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبرت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنتجحش فيشرب عندها عسلا.
قالت فتواطيت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت ذلك له فقالبل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزل قول الله تعالي " لما تحرم ما أحل الله لك إلي آخر الآيات " للسيدة عائشة وحفصة رضي الله عنهما ونزل قوله تعالي " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا" لقوله بل شربت عسلا" رواه مسلم وأبو داود والنسائي واللفظ لمسلم، فأنظروا لهذا الموقف منه صلى الله عليه وسلم ومحاولته إرضاء أزواجه بالرغم من مكانته عند ربه ومكانته في قومه.
إضافة تعليق جديد