المتقون سادة والفقهاء قادة

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 21 أكتوبر 2024
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد إن من صفات الرفيق والصديق والجليس هو كما قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني، ثلاثة لا يعرفون إلا في مواطن ولا يُعرف الأخ إلا عند الحاجة، وعن الأصمعي رحمه الله قال إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ودوام عهده، فانظر إلى تشوقه إلى إخوانه، وقال يوسف بن الحسين رحمه الله قلت لذي النون أوصني، قال عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهر أمرك، ويبعثك على الخير صحبته، ويذكرك الله رؤيته.

وقال يحيى بن معاذ رحمه الله أخوك من ذكرك العيوب، وصديقك من حذرك الذنوب، وقيل لذي النون رحمه الله من أُجالس؟ قال عليك بمجالسة من يذكرك بالله رؤيته، وتقع هيبته على باطنك، ويزيد في عملك منطقه، ويزهدك في الدنيا عمله، ولا تعصي اللهَ تعالى ما دمت في قربه، يعظك بلسان فعله، ولا يعظك بلسان قوله، وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله الأخ الذي يعظك برؤيته قبل كلامه، وقال الأحنف بن قيس خير الإخوان من إن استغنيت عنه لم يزدك في المودة، وإن إحتجت إليه لم ينقصك منها، وإن عثرت عضدك، وإن إحتجت إلى مؤونته رفدك، وقال الإمام ابن قتيبة رحمه الله قال بعضهم إن أحب إخواني إلي من كثرت أياديه عليّ، وإن فوائد صحبة الصالحين ومحبتهم هي. 

كما قال ابن مسعود رضي الله عنه أن المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالسهم زيادة، وقال مجاهد بن جبر رحمه الله صحبت ابن عمر رضي الله عنهما، وإني أريد أن أخدمه، فكان هو يخدمني، وعن أبي الربيع الأعرج رحمه الله قال صاحب أهل التقوى إن صحبت فإنهم أقل مؤنة، وأحسن معونة، وكما قال الإمام ابن حبّان رحمه الله مودة الأخيار سريع اتصالها، بطيء إنقطاعها، واعلموا يرحمكم الله أن صحبة الأخيار تورث الخير، حيث قال سلمة بن دينار رحمه الله إن أدنيت أهل الخير ذهب أهل الشر، وقال ذو النون بصحبة الصالحين تطيب الحياة، والخير مجموع في القرين الصالح، إن نسيت ذكرك، وإن ذكرت أعانك، وقال رجل لداود بن نصير الطائي رحمه الله أوصني.

فقال اصحب أهل التقوى فإنهم أيسر أهل الدنيا مؤونة عليك، وأكثرهم لك معونة، وقال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله صحبة أهل الصلاح تورث في القلب الصلاح، وقال الإمام القرطبي رحمه الله قوله تعالى " وكلبهم باسط ذراعية بالوصيد " إذا كان بعض الكلاب قد نال هذه الدرجة العليا بصحبته ومخالطته الصلحاء والأولياء، حتى أخبر الله تعالى بذلك في كتابه، فما ظنك بالمؤمنين الموحدين المخالطين المحبين للأولياء والصالحين؟ قال ابن عطية وحدثني أبي قال سمعت أبا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تسع وستين وأربعمائة إن من أحب أهل الخير نال من بركتهم، كلب أحب أهل فضل وصحبهم، فذكره الله في محكم تنزيله.