رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 4 سبتمبر 2025 10:02 م توقيت القاهرة

المقارنات الخاسرة والقناعة ودورهما في الطلاق.. بقلم جمال القاضي

تعددت حالات الطلاق، فبين مقارنات خاسرة تعيشها الزوجات والازواج، حيث غاب لكلاهما او احدهما القناعة والرضا، فسخطا، فكانت النتيجة هي الفرقة والطلاق .
ليس هناك شك أن اي انسان في هذا الكون قد خلقه الله يمتلك جانبين، احدهما للخير والآخر يكون للشر ، ولم هناك مخلوق من كل هؤلاء البشر معصوما من الخطأ إلا الأنبياء والرسل، فان غلبت صفات الخير بداخل الآنسان على صفات الشر وصف الإنسان بالخير والطيب لشخصيته، وان غلب عليه جانب الشر على الخير وصف بالشرير عند حكم غيره عليه
لكن يجب ان نعلم اي انسان مهما كان بداخله من خير آلا ان بداخله هذا الشر، الأمر الذي يجعله يعيش في حالة من عدم الرضا عنده نفسه احيانا فيعاتب هذه النفس ويلومها على عدم استقامة واستكمال كل الصفات لتصبح كلها خير، ورغم ذلك فان الأشخاص الذين تغلب على صفاتهم صفات الشر إلا ان هؤلاء يرون أنفسهم دائما على صواب وخير، وذلك لأنهم ربما يخلقون لأنفسهم مبررات تجعلهم على قناعة تامة بصدق معرفتهم عن أنفسهم ووجهة نظرهم عنها.
وفي هذه الحياة يعيش الانسان دائما نوعًا من المقارنات، يقارن مايملكه من زوجة واولاد ومال بما يملكه غيره من هذه المتشابهات حتى يصبح بعد هذه المقارنات راضيا على مايملك او يصبح ناقمًا ساخطًا على عدم رجوح كفة مايملك مقابل علو كفة المقارنة لهذا النوع للشخص الآخر وهذه الاخير نتيجة تغلب على معظم النتائج في المقارنة
فهذه زوجته راح مقارنًا فيما بينها وبين زوجة غيره ويراها خاسرًة أمام جمال غيرها لانه لم ينظر بالمقارنة سوى مايرغب في رؤيته منها بهذه المقارنة، فيعود متمردًا ساخطًا منها وعليها، يلومها لعدم نظافتها التي هو سببا فيه لتعبها ومشقتها الدائما في منزلها ورعاية اطفالها أول كان اللوم لعدم جمالها الفاقدة له دائما رغم ان هذا الجمال قد يكون سببًا فيما مضى في ارتباطه بها قبل زواجه بها فكم تمنى بسبب هذا الجمال ان تصبح زوجته .
ولم يسلم المال والولد من المقارنة
فهذا المال لدى غيره صار لاحصر له في نظره ومن اين اكتسبه
واين يصرفه، فوهو اصبح كثيرًا برؤيته له واصبح كثيرا على هذا الشخص وكم تمنى له ان يزول من ممتلكات هذا الغني ليصبح بين عشية وضحاها ملكه هو ليشترى به أحدث انواع السيارات ويتزوج به اجمل الجميلات ويبني به قصورًا وأبراجًا دون أن يرى ويتعمق لو كان ذاهبًا هناك ليقوم قليلًا عند مالك هذا المال او الغني ويرى كم تم حرمانه منه أو من ملذات الحياة مقابل العطاء الكثير لهذا المال من الله لهذا الغني. ولم يرى ايضا هذا الابن العاق لوالد هذا الغني، لم يرى ابدا بالمقارنة التي أقامها منذ قليل من إدمان أحدهم، ولم يرى كم من سوء المعاملة التي عاملة فيها زوجة هذا الغني له، ولم يرى ايضا كم من مرض اصاب هذا الغني وتمنى حينها ان يزول كل مايملك مقابل شربة من ماء يشربها هذا الناظر بعين ثاقبة وحاقدة على الغني .
وهذا الولد اصبح هو الآخر موضوعًا بالمقارنة فيسأله حاله محدثًا نفسه لماذا اصبح ابن فلان متفوقا عن ولدي؟ ولماذا لم يكن ابني يشبهه او افضل منه ؟ ان من يستحق التفوق دون غيره هو ابني، فلماذا حرمني الله وأعطى هذا ولدًا افضل من ابني وغيرها فننا سوف نرى الكثير من المقارنات
لكن ماهو السبب في هذه المقارنات ؟
السبب في ذلك وكما ذكرت في بداية الحديث أن اي انسان أثناء المقارنة يرى في الآخر جانبًا واحدًا ويغمض عينيه عن باقي الجوانب، فانه ينظر للجميل في الشخصية وفقط ولايرغب في ان ينظر اليها بنظرة متكاملة، فيختصر كل صفاتها في صفة واحدة هي الصفة الحسنة والتي يرغب في ان يراها عليه إذا ذهب في مقارنة بين هذه الشخصية ومايملك مما مايشبهها
ربما كان ذلك طبيعيا حين نرى ان اي انسان عند ملاحظة الغير له فآنه لايحاول الظهور امامه بطبيعة شخصيته المتكاملة، حيث يخفي عيوبه ويظهر امامه المميزات التي يرغب في ان تكون، الأمر مايشبه تمامًا تصرفات أسرة المضيف في حالة نزول أحد الغرباء ضيفًا عليها، فحينها تختفي كل العيوب التي عليها الأسرة وافرادها، الا اذا طالت مدة إقامة هذا الضيف فتزول مابينهما الحواجز لتصبح مكشوفة ظاهرة كل جوانب الشخصيات .
ولو تعمقنا أثناء المقارنة حينها نلاحظ أن النقص في صفة من الصفات تعوض في صفة آخرى في حالة المقارنة الشاملة ليصبح مؤشر القياس قائما مابين الكفتين في المقارنة لكنه لايحدث في الحقيقة والواقع
لنصل في النهاية لمغزى الكلمات
تم سرد الكلمات السابقة لأننا نرى ان هناك حالة من عدم الرضا مابين الزوج وزوجته. حالة يتمرد فيها الزوج احيانًا على زوجته حين يضع زوجةً آخرى او امرأة يراها في مقارنة بينها وبين زوجته ويرى في الأولى تكاملًا في كل صفاتها، في حين رسوب زوجته في اختبار المقارنة هذا، ويجد في هذه المقارنة ان زوجته لاتمتلك الحد الادني لاي من الصفات موضوع المقارنة وخاصة صفة الجمال .
ربما ينتشر هذا الأمر بين كثير من الأزواج لكن هذه المقارنة كانت قليلة الحدوث في الماضي وخاصة اذا كان الزوج موضوع للمقارنة فيما بينهم وبين رجل آخر خاصة إذا كان هذا الزوج لديه اولاد، فالمرأة تضع أمام هذه المقارنة بنودًا تجعلها بعد هذه المقارنة تحصل بالنهاية على نسبة عالية في حق الزوج لانها ترغب في استمرار قوام الأسرة وبنانيها كما هو قائم دون هدم او تشريد لأفرادها .
لكن في هذا العصر الذي نعيشه انتشر الطلاق وزاد تفكك الأسرة وذلك نظرًا للتغير الحادث لهذه المقارنة لتصبح منتشرةً بصفةِ مخيفةِ حيث تضع الزوجةُ زوجها بالمقارنة لزوج او رجل آخر
لترى في نهاية المقارنة ان غيره من الرجال افضل بكثير من زوجها، وربما كان ذلك لعدم ادراك أو وعي الكثير من الفتيات لمفهوم الزواج وإقامة الأسرة والمحافظة عليها بالفهم الصحيح، وكذلك فقدان المرأة للكثير من الإهتمام من قبل زوجها في بعض من الأحيان وذلك كان بسبب انشغاله الدائم لتدبير المال اللازم لكي تعيش الأسرة في هذه الظروف الصعبة
عامل أخير جعل هذه المقارنة تنتشر وبشكل مخيف بين النساء حين تقارن بين زوجها وغيره الا وهو عالم الانفتاح لمواقع التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول سريعا لطريق الرذيلة، فكانت الايباحية امرا سهلا يتم بصورة سرية او جهرية من خلف هذه الشاشات لهذه المواقع لتفسد الطبيعي للعلاقة المشروعة بين الرجل والمرأة وتفكك رباطها الديني وتأخذ طريقًا غير طريق الحلال لتتشرد الأسرة بالنهاية ويتهدم بنيانها، ولو ان كل من أطراف هذه العلاقة كان لديه قناعة او رضا بما كان يملكه، لكان الرضا والقبول صفة تجعل السعادة بين أفراد الأسرة تدوم .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
9 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.