رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 28 ديسمبر 2024 11:40 ص توقيت القاهرة

المندوب الليبى فى الامم المتحدة الدباشي لشبكة مصر24 : الثورة إنجاز عظيم والحل في ليبيا

من أمريكا : نسرين حلس .. نائب رئيس التحرير

 في حوار صريح ومطول مع السفير والمندوب الليبي في الأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأمريكية الدكتور ابراهيم الدباشي الذي كان أول من انقلب علي النظام في بداية الثورة في ليبيا وانخرط مع الثائرين من ابناء بلاده للمطالبة بالحكم الديمقراطى والعدالة الإجتماعيه للشعب. وهو نفسه الذي يرى اليوم بأن الوضع في ليبيا ليس آفضل حالا ولكن برغم كل الظروف السيئة التي تعيشها ليبيا اليوم ، إلا أنه يرى بأن الثورة انجاز عظيم كونها انهت نظام الحكم الأوحد الديكتاتوري معتبرا بأن كل المعاناه التي يعيشها الشعب الليبي في ظل وجود الجماعات الإرهابية المتطرفة المستقدمه من الخارج، ستنتهي بتوحد الشعب الليبي الذي سيقوم بانتخاب حكومة توافق وطني  تعمل على إنشاء جيش قوي موحد وتكوين آجهزة أمن قوية، بدون السماح بتدخل عسكري أجنبي

- بعد مرور خمس سنوات علي الثورة الليبية إلي آين يتجه الوضع في ليبيا اليوم ؟ ما الذي يحدث علي الساحة الليبية تحديدا؟

- يجب الا ننسى بان الهدف الأساسي للثورة قد تحقق في العشرين من شهر أكتوبر ٢٠١١ بالقضاء على الدكتاتورية المتمثّلة في حكم الفرد والعائلة، ومع ذلك علينا الإعتراف بأننا لسنا في وضع افضل، وهذا لا يعني بعدم ضرورية الثورة، او كما يحب أن يطلق عليها البعض مؤامرة. لأن الثورة كانت ثورة شعبية عفوية عظيمة حققت ما كان يُعتقد انه مستحيل، ولم تُوجه من احد، ولم تقدها أو تخطط لها اي قوى خارج الوطن، وحتى احزاب المعارضة في الخارج ألتحقت بها فيما بعد في وقت متاخر، وبعد ان تاكدت من ان فرص نجاحها كبيرة، باستثناء بعض الأشخاص الذين كانت تحركهم الرغبة في الانتقام من القذافي وليس الشعور الوطني. والثورة كانت ضرورية لوقف السير الى الوراء الذى طبع الحياة الاقتصادية والسياسية الليبية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، والذي فقدت بسبه البلاد مركز الصدارة في المنطقة في كثير من المجالات وخاصة الادارة والتعليم والخدمات الطبية والاتصالات والمواصلات، ناهيك عن انتهاكات حقوق الانسان، وافقار الليبيين واذلالهم، وغياب اي شكل من أشكال الديمقراطية والتداول على السلطة. للاسف البلاد تعمها الفوضى في الوقت الحالي، وتسيطر عليها المجموعات المسلحة التي تضم قلة من الثوار وكثير من الإرهابيين والمتطرفين والمجرمين، الذين لم يتركوا المجال لعودة الشرطة الى العمل، وإعادة تجميع وتفعيل الجيش الليبي وتعزيز قدراته، الامر الذي ترك كل الحكومات التي تشكلت خلال السنوات الخمس الماضية تحت رحمة المجموعات المسلحة وتأتمر بأمرها، مما تسبب في استنزاف موارد الدولة، وتعدد السلطات، وتهديد البلاد بالتقسيم والانهيار المالي، مع ظهور التنظيمات الارهابية كقوة مسيطرة على اجزاء واسعة من البلاد.

- بعد أن أحكم تنظيم داعش سيطرته على عدد من المدن الليبية وبدأ في التمدد في عدد من المدن أصبح القلق يساور المجتمع من تمدده آكثر فأكثر في غياب حكومة وفاق وطني وفوضى تسود البلاد ..كيف تنظرون اليوم لخارطة هذا التمدد وما هي الطرق للخروج من تلك الأزمة؟

- مشكلة داعش في ليبيا لا تكمن في التنظيم في حد ذاته، لانه مهما تمدد، في غياب سلطة مركزية، سيبقى معتمدا على المقاتلين الإرهابيين الأجانب، والليبيون بطبعهم لديهم اعتزاز بالنفس يصل الى درجة الغرور في بعض الأحيان، ولا يمكن ان يقبلوا بان يتحكم الأجانب فيهم، بالاضافة الى ان الليبيين متدينون بطبعهم، وتربوا على الفقه المالكي الوسطي، ويكرهون التطرّف والغُلو في تفسر احكام الاسلام الذي انتشر على يد بعض الذين تتلمذوا على الفقه الوهابي المتشدد، والذي اصبح يشكل مشكلة حتى داخل السعودية التي ولد وترعرع فيها. اذا اين المشكلة؟ المشكلة الحقيقية تكمن في الدعم الذي يتلقاه داعش في ليبيا من تنظيم القاعدة الذي أعاد تنظيم نفسه على يد أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة، والذي سيطر على مفاصل الدولة ومواردها منذ منتصف عام 2012، وتحكم في وزارة الدفاع، وصرف اغلب مواردها على تعزيز قوة الميليشيات المتطرفة، التي أفرزت لنا فيما بعد أنصار الشريعة ثم داعش، والتي تمكنت بالمال من ضم الكثير من الشباب الليبي للقتال مع التنظيمات المتطرفة، التي تطلق عليها وسائل إعلام المتطرفين مجالس شورى الثوار. ومواجهة داعش والقضاء عليه في ليبيا ليس صعبا اذا تمكنا من القيام بما يلي:

١- تشكيل حكومة وفاق وطني تحظى برضى اغلب الليبيين ودعم المجتمع الدولي.

٢- لم شمل وحدات الجيش الليبي وتعزيزها على أساس مهني، ووفقا للمعايير العسكرية الدولية، تحت قيادة عسكرية مهنية تخضع للسلطة المدنية بعيدا عن الحساسيات والخلافات والطموحات الفردية. ورفع حظر السلاح على الجيش.

٣- فك ارتباط المجموعات المسلحة المعتدلة بالمجموعات الارهابية، ومعاملة كل من يستمر في التحالف مع المجموعات الارهابية وتقديم الدعم لها معاملة تنظيم داعش.

٤- اعادة الاتصال والتعاون بين المجموعات المسلحة المعتدلة في جميع أنحاء البلاد تحت إشراف حكومة الوفاق الوطني، لتكون داعمة للجيش الى ان يشتد عوده، ويتم إدماجها فيه على أسس مهنية.

- ما الذي يعيق تشكيل حكومة توافق وطني ومتى ستكون جارية على الأرض هل هناك تاريخ محدد لخروجها للعلن؟

- ما يعيق تشكيل حكومة الوفاق الوطني، هو المصالح الشخصية والأيديولوجية، المدعومة بالتدخل الأجنبي، والتي تتمترس في اغلب الحالات وراء مصالح جهوية وقبلية مزعومة، تخدع العامة وتجعلهم أدوات لخدمة تلك المصالح ضد المصلحة الوطنية. ورغم بعض العيوب التي تشوب عملية اختيار واقتراح أعضاء الحكومة الا انني اعتقد بان تاريخ تشكيلها واعتمادها لن يكون بعيدا، اذا اخذنا في الاعتبار تنامي الشعور داخل مجلس النواب بالخطر الذي يتهدد البلاد ، وتلهف اغلب الليبيين الى رؤية الحكومة تتجسد وتباشر عملها في اقرب وقت ممكن، لإنهاء الانقسام وتحسين الظروف الامنية والمعيشية للمواطنين. يضاف الى ذلك دون شك ضغوط الدول الكبرى، وخاصة الأوربية، التي تشعر بالخطر على أمنها بسبب استمرار انفلات الوضع وتمدد داعش في ليبيا.

- ما هو الدور الذي من الممكن للبعثات الدبلوماسية ممارسته في الخارج لحلحلة الأزمة الليبية والمعروف ان ليبيا تعاني ازمات متفاقمة منذ الثورة ؟

دور البعثات الدبلوماسية هام جداً في حالة الأزمات، لانها تمثل نافذة الدولة على العالم الخارجي، غير ان فعاليتها وقدرتها على المساهمة في حل الأزمة الليبية، يعتمد على عدة عوامل أهمها قدرات رئيس البعثة وإدراكه الصحيح لاحتياجات البلاد ومصلحتها، ووجود وزارة خارجية فعالة وقادرة على تقديم التوجيهات بمهنية ووضوح في إطار المصلحة العليا للدولة.

- كيف هي العلاقات الليبية التونسية اليوم بعد تنامي عدد الجهاديين التونسيين في ليبيا ووقوفهم امام آغلب العمليات الإرهابية وهل من الممكن أن يشهد ذلك اغلاق للحدود؟

- العلاقات بين الشعب العربي الواحد في تونس وليبيا كانت ولا زالت ممتازة، وهي علاقة تاريخية نتج عنها ترابط اجتماعي وتداخل اسري منذ ايام الاستعمار،وتكامل اقتصادي ربط مصير البلدين في السنوات الاخيرة، وأصبحتا تتأثران سلباً وايجاباً بالوضع في ايٍ منهما. ورغم الهفوات الإعلامية المتكرره لبعض المسؤولين في البلدين عند التعامل مع بعض الأحداث الامنية الخطيرة والنشاط الإرهابي، الا ان علاقة الإخوة والمساعدة المتبادلة لم تتأثر أبداً.

- في اعتقادك إلى أي مدى ممكن أن يؤثر تدخل الغنوشي من تونس على ما يحدث في ليبيا وخاصة انه من الداعمين والمحسوبين لجماعة الإخوان المسلمين ؟

- لا اعتقد ان تدخل الغنوشي يمكن ان يكون له اي تأثير هام في ليبيا، لا سلبي ولا إيجابي، لان من يمكن ان يؤثر فيهم هم جماعة ما يسمى بالتيار الاسلامي، وهؤلاء يسيطر عليهم التطرّف ولديهم خططهم الخاصة بهم التي تدعمها المخابرات القطرية، والتي ترتكز على الاحتفاظ بالسيطرة على العاصمة طرابلس تحت كل الظروف، ومهما كلّف من ثمن، ولن يحيدوا عنها والتجاوب مع بقية الليبيين الا اذا رفعت قطر يدها عنهم، وقطر لن تقوم بذلك الا اذا أجبرتها قوة كبرى عليه.

- الكثير اليوم ممن فرحوا بالثورة الليبية وهللوا لها وصفقوا يتمنون أنها لو لم تحدث بل ويترحمون علي زمن القذافي ويتذكرون كل ما كانوا يتمتعون به من حقوق خاصة بعد تفشي ظاهرة الإنفلات الإمني و عدم تشكيل وتفعيل الجيش والشرطة وإبقاء الحدود مفتوحة لكل من هب ودب كيف تقرأ هذا المشهد؟

- للاسف انتهاكات حقوق الانسان، وجرائم المجموعات المسلحة، التي يضم بعضها مجرمين محترفين، والشعور الدائم بالخوف دفع المواطن العادي الى حصر تفكيره في ظروف حياته اليومية. وبسبب حجم الجرائم التي ارتكبت بعد الثورة نسي اغلب الناس جرائم القذافي، الامر الذي اعطى لأنصاره واعلامهم القدرة على المحاججة بان عصر القذافي كان افضل. ومن حسن حظ القذافي وانصاره ان الليبيين في صراعهم على السلطة ركزوا على انتقاد وشتم بعضهم، ولم يجدوا الوقت لتسليط الضوء على سلوك القذافي واحتقاره للشعب الليبي، وتصرفاته في الداخل والخارج، والتي كنا قبل الثورة نقول انها تصلح لمسلسل فكاهي يدوم اكثر من سنة. للاسف لم تتح الفرصة للمثقفين لتسليط الضوء على الجوانب المظلمة المختلفة من حكم القذافي، وحتى التحقيقات مع ركائز النظام السابق لا يعرف منها الليبيون شيئا، وربما يختفي الكثير منها لمصلحة بعض الأشخاص. الحكم الحقيقي على نظام القذافي هو الذي يتم في ظروف طبيعية بعد استقرار الدولة، ونشر الوثائق، ويتمكن من عاصروه وعملوا معه من تقديم الوقائع بالأدلة، ولكن مهما كانت الظروف فان إسقاط النظام كان انجازا كبيرا رغم فشل الليبيين في إقامة نظام بديل حتي الان، وما ترتب عليه من صعوبات للمواطن العادي.

- بعد كل المعاناه التي تعيشها ليبيا اليوم من ازدياد لعمليات الخطف والتعذيب والإبتزاز والتهجير والجزية والسطو و قتل الأطفال الآبرياء وحالات الخوف والهلع التي طالت جميع الناس وازدياد المعاناه في الحصول على لقمة العيش ، هل بذلك أصبحت ليبيا جاهزة لعودة الناتو مرة أخرى ؟ وما هي النتائج المرجوة من دخوله؟

- مهما كانت الظروف السائدة في ليبيا لا اعتقد انها في حاجة الى تدخل اي طرف اجنبي. هي في حاجة الى حكومة قوية، وجيش قوي، واجهزة امن قوية، وهذا لن يتحقق الا بمساعدة المجتمع الدولي، وعند ذلك سيحل الليبيون كل مشاكلهم بأسرع مما يتصوره الجميع.

- كنت أول من انقلب علي النظام الليبي نظام معمر القذافي وانخرطت مع الثائرين معتبرا اياه نظاما ديكتاتوريا ..اليوم وانت ترى ما يحدث علي الساحة وتلك امآسي التي لا تنتهي وخاصة أن الوضع يسوء ويتدهور هل انت نادم علي ذلك وهل كنت متوقع لما يحدث اليوم ؟

- لم أندم على عمل قمت به في حياتي، بالعكس انا اعتز بأنني بادرت بالانضمام الى الثورة في اليوم الخامس لانطلاقها، وكنت اول نادى باسقاط النظام، وأول من حدد المطالَب التي أدرجت في قراري مجلس الامن ١٩٧٠ و ١٩٧٣، وكانت الجملة الواردة في بياني يوم ٢١ فبراير وهي " يا أبناء ليبيا الاحرار لا تتركوا الفرصة للطاغية" بمثابة اعلان حرب مبكّر ضد النظام. وهذا في الوقت الذي كانت فيه الغالبية تعتقد ان الثورة ستفشل، وبعض زملائي في وزارة الخارجية قالوا كنا ننظر الى ما قمت به على انه نوع من الجنون، لانه لا احد كان يصدق ان القذافي يمكن ان يسقط، بالنظر الى قبضتة الحديدية على البلاد، التي تتمثل في اثنى عشر جهازا أمنيا في خدمته، حسب قول العارفين بالترتيبات الامنية للقذافي. للاسف المشهد اليوم ليس كما كنا نتطلع اليه، ولم اتوقعه لان كل المعطيات تقول غير ذلك، وكل الشروط كانت متوفرة للبلاد للتحول بسرعة من النظام الشمولي الى نظام ديمقراطي، ولكن للاسف تصدر عديمي الخبرة والمعرفة والحكمة والمتطرفين للمشهد السياسي الليبي حرم الليبيين من فرصة تاريخية للتقدم بسرعة، وعقّد المشهد السياسي والامني وشل الاقتصاد. ومع ذلك يبقى الأمل قائماً في تجاوز هذه المِحنة في القريب ان شاء الله.

و أخيرا،.......هل تعتقد أن مواقع التواصل الإجتماعي ساهمت في انقسام الليبين وتغذية العنف بينهم؟

- نعم مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام المدعومة من دول اجنبية هي العامل الأساسي في زيادة هوة الخلاف بين الليبيين، ومنعهم من الاتفاق على مصلحة الوطن.

 

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.