الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن المؤمن يبني ولا يهدم، يصلح ولا يفسد ويتعاون على البر والتقوى ولا يتعاون على الإثم والعدوان مصداقا لقول الله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" فإن وطنكم يدعوكم جميعا إلى بذل الجهد دفاعا عنه، كما قال خطيب إغريقي قديم، في شأن الوطن إن الوطن يدعوكم إلى بذل دمك دفاعا عنه وتستجيب بالتضحية الكبرى، ولكن هناك تضحية يطلبها منك الوطن أصعب منالا، تلك تربية الشخص الذي هو أنت.
تربية تؤهلك لتعطي لأهلك ووطنك خير ما يعطيه الشخص من عمل جليل وحكم سديد، فيا أيها الإخوة المؤمنون يقول الله تعالى "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال" إن الآية الكريمة بينت وظائف المسلم في بيوت الله وهي العبادة والتسبيح وذكر اسم الله والتعاون على الخير، ومن جهة أخرى حددت الآية رسالة المسجد التربوية والروحية والإجتماعية وتعميق وحدة المجتمع على المحبة والخير والبناء والإصلاح، فما هي مواصفات رواد بيت الله تعالي؟ فإنها المحبة وخدمة الصالح العام والشعور بالمسؤولية نحو الأسرة والأولاد والمجتمع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"
وإن مظاهر الفساد والإعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة ليست من أخلاق المسلم بل هي حرام حيث قال الله تعالي "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها" وكما قال تعالي " والله لا يحب المفسدين" فالمسؤولية ملقاة على الآباء والأمهات والمربين والمواطنين بصفة عامة فحسّسوا أبناءكم بخصوص عملية الحرق والتدمير، ولقد خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم الجماهير في حجة الوداع حيث بيّن حرمة الإعتداء على الأعراض والإعتداء على الأموال " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" وإن الوطن أمانة في أعناقنا جميعا وهو ميراث الأجداد والأسلاف فلنحافظ عليه ولندافع عنه ولنقم بدورنا كما أمر الله تعالي.
فقال "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" وقال الله تعالى في محكم التنزيل "هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا، وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب، وكل شيء فصلناه تفصيلا" فإن سنة الله تعالي الجاريةَ في كونه إقتضت مرور الأيام، وتعاقب الليالي والأعوام، تبعا لحركة الأفلاك والأقمار، سنة الله في خلقه، وحكمته في أمره، وتدبيره في كونه، فإذا تأملت كرور الأدهار، وتعاقب الليل والنهار، ورأيت الثواني تجر الأيام، والأيام تجر الأعوام، والناس يذهبون بين ذلك أفواجا، ويمرون فرادى وأزواجا، ورأيت حركة طلوع الشمس من المشرق.
وغيبتها في المغرب، وما يتخللها من حركات دقائق الكون ما يمثل دبيب عوامل الفناء التي ترد كل منظور إلى عالم الهباء، أيقنت بأن لكل أجل كتابا، ولكل بداية نهاية.
إضافة تعليق جديد