الرجل الحديدى ....الجزء السابع بقلم مالك عادل
لم يكن عمر سليمان مجرد ضابط جيش تحول مصادفة إلى رجل مخابرات، لكنه كان واحدا ممن يمارسون العمل بشيء من التفرد لذلك وبعد أن أصبحت الأمور أكثر وضوحا لديه قرر نقل مركز الثقل لجهاز المخابرات المصري إلى تركيا.
وهو ما لم يكن مفهوما كثيرا في ذلك الوقت حتى للكوادر التي قامت بتنفيذ التوجه الجديد للسيد عمر سليمان.
لكن فيما يخص عمر سليمان فإنه كان يسعى وراء شيء يدركه دون أن يراه ويشعر به دون أن يستطيع ضبطه أو الإمساك به، وفي سبيل ذلك قرر عمر سليمان إضافة إلى نقل مركز الثقل إلى تركيا، وضع مجموعة برامج جديدة من الكلمات الحمراء لاتصالات الإنترنت.
والكلمات الحمراء في مفهوم رجال المخابرات هي الكلمات التى ما أن يتم نطقها أو كتابتها حتى تبدأ أجهزة التنصت القيام بتسجيل كل شيء لحين الحاجة إليه أو الرجوع إليه.
وعلى خلاف ما يتخيل الكثيرون، فإن البرامج التي تقوم بذلك ليست ضمن نطاق الاتفاقات الأمنية بين مصر وأمريكا، ولكنها مجموعة من البرامج التي قام على تطويرها خبراء مصريون.
لم يكن عمر سليمان يثق كثيرا في التعامل مع أمريكا بأفق مفتوح، وكان يردد دائما أن إسرائيل تتعامل مع أمريكا بشكل مختلف عما يراه العالم وكان محقا في ذلك، فإسرائيل كانت تحتفظ وما تزال بعلاقات استخباراتية قوية مع أمريكا لكنها لا تجد غضاضة في التحوط منها بل ممارسة أعمال الجاسوسية والجاسوسية المضادة أيضا في الأراضي الأمريكية.
نفس الأمر كان متبعا داخل جهاز المخابرات المصرية، لكنه وبعد عام 2009 أصبح أكثر حدة للدرجة التي دفعت أجهزة الأمن الأمريكية لإعادة بعض المبعوثين الدراسيين إلى مصر، كما دفعتهم لتشديد الرقابة على مراسلات السفارة المصرية ولقاءات الدبلوماسيين المصريين هناك.
أما ما أثمر عنه تكثيف العمل على الأراضي التركية فكان مفاجأة حتى لعمر سليمان نفسه.. فخلال عام 2010 وتحديدا في شهر فبراير، رصدت عناصر المراقبة المصرية لقاءات مستمرة على مدار ثلاثة أيام في أحد البيوت الآمنة بأنقرة لعناصر من الاستخبارات الأمريكية وثلاثة قيادات من الإخوان المسلمين، وصلوا قبل بداية اللقاءات بيوم واحد.
وكان اللقاء الأول مغلقا ضم فقط القيادات الإخوانية الثلاثة وعنصرين من الاستخبارات الأمريكية، التحق بهم في المساء ضابط مخابرات تركي وامتد اللقاء إلى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
في اليوم التالي تم عقد اجتماع آخر انضم له قائد هيئة الاستخبارات والأمن القطري الذي غادر إلى الدوحة في نهاية اليوم، مصطحبا معه واحدا من عناصر الاستخبارات الأمريكية.
في اليوم الثالث تم عقد اجتماع آخر ضم كافة الأطراف السابقة بما فيها قائد هيئة الاستخبارات والأمن القطري وضابط المخابرات الأمريكي الذي غادر معه الليلة الماضية.
وفي المساء غادرت القيادات الإخوانية إلى الدوحة لتعود بعد ذلك بيومين إلى أنقرة لتقفز الاحتمالات إلى أقصاها بعد أن التقى أحد مساعدي الرئيس التركي بالقيادات الإخوانية الثلاثة قبل أن يغادروا متجهين إلى القاهرة مرورا بالدوحة.
في اليوم التالي كان لابد أن تصل الأجهزة المصرية لفحوى تلك اللقاءات المحمومة.. وبالفعل فإن عناصر المخابرات المصرية توصلت لما حدث أثناء تلك الاجتماعات المحمومة ليتضح بشكل ملخص أن العناصر الإخوانية توجهت لأنقرة قادمة من الدوحة والتي دخلوها تحت ستار العمل ضمن فريق طبي خاص ينشط في مجال الدعم الطبي داخل قطاع غزة تحت لافتة إسلامية، وهناك تم منحهم جوازات سفر قطرية استخدموها في مغادرة الدوحة والدخول إلى تركيا، حيث تمت اللقاءات المذكورة.
وفي النهاية عادوا إلى الدوحة ليستخدموا جوازات سفرهم المصرية أثناء رحلة العودة إلى مصر.
الى اللقاء
إضافة تعليق جديد