رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 23 أكتوبر 2024 1:27 ص توقيت القاهرة

رسول الله يتذكر يوم أن وضع التراب على رأسه.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 22 أكتوبر 2024
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد عندما أسلم أبو سفيان بن حرب قبل الفتح لأعظم وهو فتح مكه وذلك أثناء تواجد رسول الله صلي الله عليه وسلم هو وجيشه من المسلمين علي أطراف مكهن فقد دبر النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم خطة نفسية بارعة لقائد قريش أبي سفيان، فلما إنطلق العباس قال له النبي صلى الله عليه وسلم "يا عباس، اجعل أبا سفيان في مضيق الوادي حتى يرى جند الله وهي تمر عليه" ففعل العباس ما أمر به، وجعل أبا سفيان في مضيق الوادي، وجعلت القبائل براياتها تمر عليهما، كلما مرت قبيلة برايتها سأل أبو سفيان العباس حتى مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم في قبيلته.
وفي كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار، وقد غطتهم الدروع لا يرى منهم إلا الأعين، فسأل أبو سفيان وقال من هؤلاء يا عباس ؟ فقال العباس هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار، فوقع الرعب في قلب أبي سفيان وقال والله ما لهؤلاء اليوم قبل ولا طاقة، فقال له العباس نعم، فقال أبو سفيان يا عباس والله لقد أصبح اليوم ملك ابن أخيك عظيما، قال إنها النبوة يا أبا سفيان فقال أبو سفيان نعم، فقال العباس النجاة النجاة إلى قومك، فإنطلق أبو سفيان يسابق الريح إلى قومه، وإذا بأهل مكة يرون الجيش الزاحف يقترب رويدا رويدا، وتجمع الفرسان من الشباب والأبطال ينتظرون الأوامر من قادتهم وسادتهم، وإذ بهم يرون قائد القتال وسيد الميدان أبا سفيان يرجع بوجه آخر، فيصرخ فيهم أبو سفيان.
وقد نجحت خطة النبي صلى الله عليه وسلم النفسية نجاحا باهرا، فقال يا معشر قريش والله لقد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به ولا طاقة، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فوثبت إليه زوجته هند بنت عتبة آكلة اللحم والكبد، وأمسكت بشارب زوجها وصرخت في قومها وقالت اقتلوا الحميت الدسم الأحمش الساقين، قبحت يا أبا سفيان من طليعة قوم اليوم، فنظر إليها ولم يلتفت إلى سبابها، فإن الساعة ليست ساعة مراجعة، وقال لا تغرنكم هذه من أنفسكم، والله لقد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به ولا طاقة، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، قالوا قاتلك الله يا أبا سفيان، وما تغني عنا دارك يا رجل؟ قال وتذكر ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم "ومن دخل بيته وأغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن" وفي رواية مسلم "ومن ألقى السلاح فهو آمن"
وإنطلق الناس، وخلت مكة من كل أحد إلا في البيوت، وفي بيت الله الحرام، وخلت الشوارع والطرقات، وتقدم الجيش الزاحف بقيادة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى دخل النبي مكة، ولما إقترب النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام أحنى رأسه تواضعا وتخشعا وشكرا وذلا لله تعالي، ولقد مر بذاكرته شريط طويل من الأحداث، فإنه اليوم يدخل مكة فاتحا فيتذكر يوم أن وضع التراب على رأسه هنا بالأمس القريب، وتذكر يوم أن خنق وكاد أن يموت بين أيديهم بالأمس القريب، وتذكر أصحابه الذين حنت لهم رمال مكة وصخورها لما لاقوا من العذاب الشديد، وتذكر أصحابه الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم وقد حرموا اليوم من هذا المشهد الجديد، وتذكر أصحابه وهم يخرجون إلى الحبشة في هجرة متكررة، وتذكر نفسه وهو يخرج إلى الطائف.
ويرجع وقد أدميت قدماه، وتذكر يوم أن خرج إلى المدينة مهاجرا فارا بدينه، وتذكر يوم أن كان وحده في مكة يقول لا إله إلا الله، ها هو اليوم يدخل مكة بعشرة آلاف يقولون " لا إله إلا الله" أي كرامة هذه التي يتوج بها الحبيب في هذا الصباح الميمون؟ وأي نعمة هذه التي يمتن الله تعالي بها على الحبيب صلى الله عليه وسلم في هذا الصباح الكريم المبارك؟ ويدخل الحبيب صلى الله عليه وسلم المسجد وفي يده قوس، يدخل في وسط كوكبة من المهاجرين والأنصار، يحيطون به كما تحيط الكواكب بالقمر في ليلة البدر، ويدخل الحبيب صلى الله عليه وسلم وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، وبيد النبي صلى الله عليه وسلم قوس يطعن به هذه الأصنام فتخر الأصنام على وجوهها بين يديه، وهو يتلو قول الله تعالي " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا "

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.