رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 15 أغسطس 2025 2:52 م توقيت القاهرة

سبب نزول البلاء وظهور الأوبئة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا، أحمده سبحانه على كل فضل وأشكره على كل نعمة، وأتوب إليه وأستغفره إعلانا وسرا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له أحاط بكل شيء خبرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أعلى الناس منزلة وقدرا، وأوصلهم رحما وبرا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد لقد حرم الله عز وجل الفاحشة علي الإنسان وجعلها بينهم محرمة، فاعلموا يرحمكم الله أن الزنى من أسباب الموت والهلاك ونزول البلاء وظهور الأوبئة ووقوع العقوبات، حيث قال الصحابي الجليل ترجمان القرآن وحبر هذه الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقى في قلوبهم الرعب ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت " 

وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه " إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله في إهلاكها" وقال كعب الأحبار رضي الله عنه "إذا رأيت الوباء قد فشا فاعلم أن الزنا قد فشا" وكما قال العلامة ابن القيم رحمه الله " الزنا من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة" وكما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله "المعاصي من أسباب جلب البلاء وخص منها الزنا لأنه أعظمها في ذلك" وكما قال العلامة السعدي رحمه الله في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته " ففي هذا بيان أن سبب العقوبات في الدنيا والآخرة هي الذنوب، فبين غيرة الله تعالى إذا انتهكت محارمه التي من أعظمها الزنا فإنه غالبا لا يمهل صاحبه والله تعالى غيور، واعلموا يرحمكم الله أن الإيمان يفارق الزاني حتى يرجع عنه ويتوب.

حيث قال أبو هريرة رضي الله عنه "الإيمان نور، فمن زنى فارقه الإيمان، فمن لام نفسه فراجع راجعه الإيمان" وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما " لم يزني عبد قط إلا نزع الله نور الإيمان منه، إن شاء رده وإن شاء منعه " وقال العلامة ابن القيم رحمه الله " ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمة نعمة حتى يسلب النعم كلها، قال الله تعالى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وأعظم النعم الإيمان ذنب الزنا تزيلها وتسلبها، واعلموا يرحمكم الله أن هناك مفاسد وأضرار للزنى، حيث قال العلامة ابن القيم رحمه الله " الزنى يجمع خلال الشر كلها، من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة فلا تجد زانيا معه ورع ولا وفاء بعهد ولا صدق في الحديث ولا محافظة على صديق ولا غيرة تامة على أهله، فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء.

وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته" ومنها أن الناس ينظرونه بعين الخيانة، ولا يأمنه أحد على حرمته ولا على ولده، ومنها هو سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين، ومنها الوحشة التي يضعها الله تعالي في قلب الزاني وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه، فالعفيف على وجهه حلاوة وفي قلبه أنس ومن جالسه استنأنس به والزاني تعلو وجهه الوحشة ومن جالسه إستوحش به، ومنها ظلمة القلب وطمس نوره، ومنها الفقر اللازم، ومنها أنه يفارقه الطيب الذي وصف الله به أهل العفاف ويستبدل به الخبيث الذي وصف الله به الزناة، ومنها الرائحة التي تفوح عليه يشمها كل ذي قلب سليم، تفوح من فيه وجسده، ومنها ضيق الصدر وحرجه، فإن الزناة يقابلون بضد مقصودهم. 

فإن من طلب لذة العيش وطيبه بما حرمه الله عليه، عاقبه الله بنقيض قصده، فإن ما عند الله تعالي لا ينال إلا بطاعته ولم يجعل الله معصيته سببا إلى خير قط ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور، وإنشراح الصدر وطيب العيش لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل له، دع ربح العاقبة والفوز بثواب الله وكرامته.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
8 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.