الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على خاتم النبيين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن رسول الله صلي الله عليه وسلم هو الأسوة في كل الأمور وسيرته حافلة وجامعة يستطيع كل إنسان أن يتخذ منها موضعا للقدوة، فليست كسيرة بعض النبيين يمكن أن تقتدي به في موضع ولا تقتدي فيه بآخر، تستطيع أن تقتدي بالمسيح عليه السلام في زهده وبعده عن الدنيا وإعراضه عن زخارف الحياة، ولكنك لا تستطيع أن تقتدي به زوجا فلم يتزوج، والمتزوج بزوجة واحدة يستطيع أن يقتدي به صلي الله عليه وسلم لأنه عاش مع زوجة واحدة تكبره بخمسة عشر عاما معظم عمره، من الخامسة والعشرين حتى الخمسين، وصاحب الزوجتين والأكثر يستطيع أن يقتدي به لأنه في أواخر حياته.
ولا أبا ولا جدا ولا تستطيع أن تقتدي به في الحرب والسلم لأنه لم يسالم ولم يحارب، ولا تستطيع أن تقتدي به في حالة الغنى لأنه لم يملك مالا، ولا تستطيع أن تقتدي به في حالة الحكم لأنه لم يحكم، أما محمد صلى الله عليه وسلم فتستطيع أن تقتدي به في كل هذه الأمور، فالعازب يستطيع أن يقتدي به في حالة العزوبة لأنه لم يتزوج إلا في الخامسة والعشرين، وكيف قضى هذه السنين من البلوغ حوالي عشر سنوات يقتضي به، وإقتضت ظروف الدعوة أن يتزوج وتزوج الكبيرة والصغيرة والعربية والإسرائيلية والبكر والثيب وصاحبة الأولاد وغير صاحبة الأولاد، ليجد كل إنسان في حياته مجالا للقدوة، ويستطيع الوالد أن يقتدي به في معاملة أولاده البنين والبنات، في حالة الحياة وفي حالة الممات، لأن معظم أولاده ودعهم في حياتهم، مات أولاده بنين وبنات في حياته.
ما عدا أصغر بناته فاطمة الزهراء رضي الله عنها، فهذا نبي جعله الله تعالي أسوة، فلماذا نحرم أنفسنا من الحديث عن هذه الأسوة المحمدية ؟ والحديث عن الأسوة في وقتها هو أنسب وأوقع، المربون الحقيقيون يقولون إنتهز الفرصة لتربي التلميذ، لتربي التابع عندما تأتي الفرصة، تربط الفرصة والمناسبة بالمقصود التربوي والهدف التربوي، ولا مانع إذن أن نتحدث في هذه المناسبات عن شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال عن نفسه "إنما أنا رحمة مهداه " أخذ ذلك من قول الله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هو خير الناس في كل أحواله، فهو خير المهاجرين وخير الدعاة وخير القواد في الحرب وخير الأئمة في الصلاة.
وخير القضاة إذا حكم وخير المفتين إذا أفتى وخير الأزواج إذا تزوج وخير الآباء إذا أنجب وخير الأجداد إذا أحفد وخير الناس في كل شيء، فإن الله تعالى جعله المثل الأعلى ليرى الناس الكمال البشري مجسدا والإسلام الحي ماثلا أمام الأعين، والناس ليسوا فلاسفة يعرفون الأمور بالتجريب والوصف النظري، الناس في حاجة إلى مثل عملي، إلى مثال مجسد يرونه أمامهم واضحا للأعين مسموعا للآذان مؤثرا في القلوب، وكان هذا هو محمدا رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، فاللهم إحفظنا من كل سوء وبلاء، اللهم أرزقنا علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم اجعل بلادنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم احفظ شبابنا واهدهم إلى طريقك المستقيم واجعلهم ذخرا للبلاد.
ومفخرة للعباد، اللهم اشف مرضانا وعاف مبتلانا، ونفس كربة المكروبين، واقض الدين عن المدينين بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم ألف بين قلوبنا، واجمع على الحق كلمتنا، وسدد إلى الخير ألسنتنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة النافعة التي تعينهم على الخير وتهديهم إليه، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تجعل فينا ولا منا ولا من بيننا شقيا ولا محروما آمين آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
إضافة تعليق جديد