اليوم : الأحد الموافق 18 أغسطس 2024
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد لقد حثنا الإسلام علي قضاء حوائج الناس، وقد ضرب لنا الصحابة الكرام أروع الأمثله في قضاء حوائج الناس، فمن منا اليوم يتعامل مع حاجات إخوانه بهذا المقياس العظيم؟ ومن منا اليوم يشعر أنه يقضي حاجاته من خلال قضاء حوائج إخوانه المسلمين، ويستشعر أن ما يناله بقضاء حاجة إخوانه أكثر مما ينالونه هم منه؟ ومن منا يحافظ على نعمة الله تعالي عليه من خلال قضاء حوائج الناس لأن قضاء حوائج الناس سبب من أسباب دوام النعمة على صاحبها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
" ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فأسبغها عليه ثم جعل من حوائج الناس إليه فتبرم فقد عرض تلك النعمه للزوال" ولقد أدرك ابن عباس فضل قضاء الحوائج فترك إعتكافه في المسجد ليمشي في حاجة أخ له، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من إعتكافه عشر سنين ومن إعتكف يوما إبتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق كل خندق أبعد مما بين الخافقين" ويذكر ابن رجب عن بعض السلف فيقول كان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهن كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن، وقال مجاهد صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني، وكان كثير من الصالحين يشترط على أصحابه أن يخدمهم في السفر.
وصحب رجل قوما في الجهاد فاشترط عليهم أن يخدمهم وكان إذا أراد أحد منهم أن يغسل رأسه أو ثوبه قال هذا من شرطي فيفعله فمات فجردوه للغسل فرأوا على يده مكتوبا من أهل الجنة فنظروا فإذا هي كتابة بين الجلد واللحم، وهكذا كانوا في حرصهم على قضاء حوائج إخوانهم فهل نكون؟ فاتقوا الله عباد الله فهي طريق جنان ربكم التي وصفها لكم ربكم بقوله تعالي " وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين" فقد خرج من قريته بعد أن تآمر علية القوم على قتله خرج منها وهو خائفا متلفتا يتوقع الشر في كل لحظة هاربا يسعى بكل طاقته ليس معه مال وليس معه متاع مشى، ومشى حتى انتهى به المطاف إلى قرية فوصل.
وقد أنهكه التعب والجوع والظمأ وما كاد يجلس على الأرض ليستريح من عناء السفر المتعب حتى رأى منظرا استفز فيه شهامته ورجولته ونخوته ودينه فماذا رأى؟ فقد رأى فتاتين عفيفتين طاهرتين تتحاشيان الإختلاط بالرجال معهما أغنامهما وعلى الرغم من أنه لا يعرفهما وليس له حاجة عندهما إلا أنه رأى أنها فرصة لأن يكسب الأجر عند الله تعالي بقضاء حاجتهما وعلى الرغم من حرارة الجو وما كان يعانيه من تعب السفر إلا أنه بادر لقضاء حاجتهما فسقى لهما ثم بعد أن أنجز تلك المهمة لم يطلب منهما أجرة ما عمل أو انتظر منهن كلمة شكر إنما تولى إلى الظل ليستظل من تلك الحرارة الشديدة أعلمتم من هو ذلك الشاب.
إنه رسول من أولي العزم من الرسل إنه كليم الله موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم خلد الله لنا عمله ذلك في كتابه إلى يوم القيامة ليظل علما للبشرية في مجال قضاء حوائج الناس، ولكن هل ذهب عمله ذلك هباء ؟ لا، فلقد تكفل بثمن عمله رب العالمين فالله أكبر أصبح أمان بعد الخوف ورزق بعد الفقر وزوجة بعد العزوبة هذا مع ما ينتظره من الأجر في الآخرة.
إضافة تعليق جديد