رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 14 يناير 2025 1:49 م توقيت القاهرة

قيمة مجالس الذكر المباركة وفضلها.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الاثنين الموافق 13 يناير 2025
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، لقد عرف سلفنا الصالح رحمهم الله قيمة مجالس الذكر المباركة وفضلها، وأنها من أقوى الأسباب التي تعين على إحياء القلوب، والتقرب من علام الغيوب، وهي من أفضل طرق النجاح ووسائل الفلاح في الدارين بإذن رب العالمين، فصرفوا فيها معظم أوقاتهم، وعمّروا بها أكثر ساعاتهم، وبذلوا في الحرص على حضورها أقصى جهدهم وأعلى طاقاتهم حتى تركوا من أجل طلب العلم الأوطان والديار، وراتحلوا في تحصيله بين الأقطار والأمصار، فهذا الحافظ الإمام ابن منده، أبو عبد الله الأصبهاني محدث الإسلام.
وأحد الأئمة الأعلام رحل في طلب العلم وعمره عشرون سنة، ورجع وعمره خمس وستون سنة، وكانت رحلته خمسا وأربعين سنة، ويقول الإمام الذهبي رحمه الله " ولم أعلم أحدا كان أوسع رحلة منه، ولا أكثر حديثا منه، مع الحفظ والثقة، فبلغنا أن عدة شيوخه ألف وسبعمائة شيخ، وهذا الإمام جرير بن حازم رحمه الله يقول "جلست إلى الحسن أي البصري سبع سنين لم أخرم منها يوما واحدا، أصوم وأذهب إليه، وهذا الإمام عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالي صاحب الجرح والتعديل يقول " كنا في مصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ وبالليل النسخ والمقابلة، فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا، فقالوا هو عليل، فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا فإشتريناها فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس فلم يمكنا إصلاح هذه السمكة.
ومضينا إلى المجلس، فلم نزل حتى أتى على السمكة ثلاثة أيام وكادت أن تتغير فأكلناها نيئة، لم يكن لنا فراغ أن نشوي السمك ثم قال "إن العلم لا يستطاع براحة الجسد" وهذا الإمام النووي رحمه الله تعالي كان يحضر في اليوم اثني عشر درسا، ويقول عن نفسه كنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله تعالى في وقتي، فهذه التضحيات أيها الكرام التي بذلها سلفنا الصالح رحمهم الله في سبيل تحصيل أفضل مطلب وأسمى مقصد وهو العلم الشرعي، قد لا تستغرب، لأنه من عرف قيمة الشيء ضحى من أجله، فهم عرفوا فضل العلم الشرعي ومكانته، وأنه لا ينال إلا بالمرور على جسر التعب والمشقة لا بالراحة والأماني، لذا كانت مجالس العلماء وحلق الذكر في زمانهم عامرة.
حيث كانوا يتسابقون إليها للتفقه في الدين وسماع حديث خير المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وإن كل مؤمن محب للخير لأمته أيها الأفاضل ليحزن أشد الحزن عندما يرى أن الإقبال على طلب العلم الشرعي اليوم قليل، وأن الحرص على رفع الجهل لا يكون إلا من عدد من المسلمين ضئيل، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم وألا يزغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب، وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وجعلنا جميعا هداة مهتدين وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.