رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 7 فبراير 2025 2:17 م توقيت القاهرة

لماذا نرى الهواجس والأحلام المزعجة في النوم ؟

بقلمي جمال القاضي 

نسأل أنفسنا احيانا لماذا هذه الكوابيس والأحلام المزعجة التي نراها احيانا في النوم؟ لماذا تراودنا أفكاراً مخيفةً تقلقنا وتجعلنا نفيق من النوم على خوف وسرعة لدقات القلب ؟ ماهي علاقة مانتعرض له من مواقف في حياتنا اليومية بهذه الهواجس والأحلام؟  وماهي علاقة الماضي القديم بهذه الأحلام المخيفة ؟ وهل يمكن أن نظل هكذا حين ننام نرى تلك الأحلام ومشاهدها المرعبة بصفة مستمرة ؟

سنتعرض لكل هذا وغيره في مقالنا اليوم عن الهواجس والكوابيس والأحلام المزعجة في النوم .
  
المخ،هذا العضو الذي يتحكم وينظم ويضبط كل مايدور بداخلنا، يجعلنا نفكر  ونحلل، نشعر ونتفاعل مع الظروف البيئية المحيطة بنا، يجعلنا نتعامل مع غيرنا، فنتعرض منهم لمواقف تجعلنا نستجيب لها فنتأثر بها وتؤثر بدواخلنا وتغير من مشاعرنا، فنشعر  بالفرح تارة، ونشعر بالخوف والرعب تارة أخرى .

لكن كيف يتعامل هذا العضو الصغير مع هذه المواقف الكبير الصعبة ؟
 
بين مؤثر واستجابة ورد فعل ، يكون  التعامل، يرغب المخ كمسيطر على كل الوظائف الحيوية للجسم في أن تعمل كل أجهزة الجسم في تناسق وهدوء تام، فهو يعمل على تسلسل المواقف التي تم التعامل معها ونتج عنها شعوراً معيناً وترتيبها في منظومة لاتقلق صاحبها ولاتؤثر على عمل الخلايا العصبية المسئولة عن الإحساس، فهو يشبه في تخزينه للمواقف بالحاسوب الذي يخزن معلوماته في صورة ملفات كاملة والتي لم تكتمل فإننا نراها على هيئة رسالة مزعجة تعبر عن نفسها كلما اردنا أن نعيد فتح هذا الحاسوب مرة آخرى لتخبرك بأنها تحتاج للتعامل معها إما بترتيبها بالطريقة الصحيحة كغيرها، أو أنك تتخلص منها بالإزالة حتى لاتؤثر على عمل الملفات الأخرى، أو على عمل الكمبيوتر ذاته .

نقف لحظات وفيها نتصور مايدور وماهو السبب في هذه الأحلام وماهو السبب فيها؟

تعددت الأسباب ، فمنها ماهو قديم ، ومنها ماهو حديث، منها ماكان من التربية، ومنها ماكان من المواقف الحياتية، منها مايتعلق بالصدمات كفقدان من نحب بالموت أو الهجر، ومنها مايتعلق بالشخص ذاته .

 فهذا الذي كان  بالماضي بالبعيد منذ الطفولة الأولى، منذ أن كان هناك عقاباً عنيفاً، دون معرفة سببا للعقاب لمن يقع عليه هذا العقاب ، جعلنا نخاف دائما من السلطة بكل أشكالها التي حولنا، جعلنا نعيش بسلبية دائما وخوفا من العقاب، جعلنا نشعر وكأن كل شخص نتعامل معه هو شخص  مسئول في نظرنا، بل هو سيعاقبنا حتما بسبب أو بلا سبب، لو مرة رأيناه فيها  غاضباً أمامناً ترتعب مشاعرنا لتحيي من اللاشعور وتستحضر شعور الماضي وماكان فيه من خوف لتعود متجسدة في صور لأشباح خيالية تخيفنا ليلاً، وتفيقنا من نومنا على هئية كوابيس وأحلام مزعج .

وهذه المواقف التي نتعرض لها في حياتنا اليومية، ننتهي من بعضها ، لكن يظل  غيرها لسبب ما لم نستطيع أن ننتهي منه لعدم أو لضعف خبرتنا في التعامل مع الآخرين فنعود ونحملها في عقولنا   من العمل إلى المنزل ونحملها على هئية أفكار وتوقعات مزعجة، تظل شاغلة لكل وقتنا، بين خواطر وأسئلة كثيرة، منها لماذا لم يكن ردي فعلي بالشكل كذا أو كذا ؟ لماذا لم أغضب وأثور على من فعل معي هذا الموقف ؟ لو كنت فعلت كذا لكانت النتيجة مختلفة، لماذا لم أعاقب من ظلمني حينها؟ 

وبين عتاب ومشاعر تصاحبه يبقيان هكذا حتى النوم لنرى معهما تصورات من العقل اللاوعي والبديل العميق  للشعور الكثير من السناريوهات التي تجعلنا نفيق على خوف من هذه الهواجس والأحلام .

وربما كان للصدمات التي يتعرض لها الشخص النصيب الأكبر من تلك الأسباب التي كانت للهواجس والكوابيس والأحلام المزعجة،
فربما قمت يوماً بزيارت لشخص قد تعرض لحادث،  ربما سمعت منه هلوسات لسانه لما قد رآه أثناء الحادث، ربما رأيت إنفعالاته وحركات جسده التي تجعله يجلس وينام ويتحرك بعنف رغم أن كل ذلك قد يحدث وهو تحت تأثير المهدئات حينها، لكن هذا العقل اللاواعي وهذا المخ الواعي لم يستطيع أن يخزن هذا الموقف بهذا الشكل الذي عليه الأن ، فيجعل للموقف تكراراً، مخبراً صاحبه أنني لم أستطيع تخزين هذا الموقف كما هو ، وسأبقيه هكذا حتى تجعله مثله مثل غيره من المواقف يتصف فيها بهدوء، فيفق الشخص كلما جاء الموقف من العقل اللاواعي في المخ ليظهر أمام العقل الواعي وكأنه مازال صاحبه هناك على مسرح الموقف .

وهذا الفقدان لمن نحب من الأهل والآحبة ، جاء ليقلق هدوء المخ وتعامله، جعله يشعر بأن شيء ما مفقوداً، تاركاً فراغاً كبيرا لم يجعل المخ ينعم وينعم صاحبه بالهدوء في نومه وفي إفاقته، فكان الموقف من الفقدان مزعجا يراه من حدث معه ذلك بفراغ يظن فيه صاحبه أنه يسقط من مكان مرتفع .

لكن ماعلينا أن نفعله حتى لانرى مانراه من هواجس وكوابيس؟

أولا :
يجب على الآباء ومن هم مسئولين عن تربية النشئ عدم استخدام العنف المفرط في التربية ، وكذلك معاقبة الطفل على السلوك الخطأ وقت فعله وليس بعد ذلك بفترة تجعل الطفل لايعلم لماذا يكون هذا العقاب أو ماسببه، كذلك استخدام مبدأ الثواب والعقاب دائما والتربية بطريقة صحيحة .

ثانيا :
يجب الإنتهاء من كل مايخص أي موقف يتعرض له الشخص وعدم إبقاء توابع له والتعامل معه كاملاً حينها وعدم تأجيل التعامل ليوم آخر  لأن ذلك يشغل المخ في التفكير ويجعله يقوم بوضع تصورات مزعجة وخطيرة للموقف .

ثالثا :
في حالة التعرض لصدمات يجب عدم مخالطة الشخص لأي من الأشخاص الذين كانوا معه في محيط الحادث، كما يجب العرض على طبيب نفسي يستطيع تهدئة المصاب حتى يخرج  من أزمته النفسية بهدوء دون أن يترك  أضراراً نفسيةً خطيرةً.

رابعا :
الإبتعاد عن تعظيم الشعور المسبق للمواقف وذلك بمحاولة تجنب الإنفعالات الداخلية والإستجابة الكاذبة لمواقف لم تحدث بعد، فقط كانت من خيال الشخص ولم يتم حدوثها في الواقع، فهذا يشغل العقل ولكي يستريح المخ يرسلها للعقل اللاوعي لتبقى في قائمة الإنتظار دائماَ فربما تكون واقعاً في نظره فيما بعد دون حدوثها في الحقيقة .

خامسا :
قبل أن تهم للنوم ليس مطلوب منك الكثير، فقط عليك أن توضأ وكما علمنا رسولنا الكريم ان نصلي ونردد الأذكار التى قبل النوم وان لانشغل تفكيرنا بأي شيء آخر .

واخيراً :
علينا أن نعلم أن الأمراض النفسية هي من أخطر الأمراض التي قد تصيب الإنسان، وتؤثر عليه بشكل مباشر أو غير مباشر على أجهزة الجسم مما قد يجعلها تتحول من أمراض نفسية إلى أمراض عضوية تهلك الإنسان  وصحته .

علينا أن نعلم أن كل مكتوب حتما سوف يكون ولاغير ذلك، لكن علينا فقط أن نأخذ بالأسباب دائما ونتوكل على الله سبحانه وتعالى .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.