على بُعد 1100 كيلومترات جنوب القاهرة، وتحديداً في قرية غياضة الشرقية التابعة لمركز ببا بمحافظة بني سويف، ضرب المصريون مثالاً جديداً على التحدي والإصرار على النجاح، بإقامة أكبر محطة إنتاج طاقة كهربائية فى العالم .
المحطة تقام على مساحة 500 ألف متر مربع، وتبنيها شركة سيمنز الألمانية بالتعاون مع شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء وشركة السويدي المصرية، وتعتبر إحدى أكبر الصفقات التي إقتنصها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر شرم الشيخ الإقتصادي مارس 2015، وتم توقيع عقدها في نوفمبر من العام نفسه .
وفى البداية قال المهندس إبراهيم الشحات رئيس شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء والمشرف على إنشاء المحطة: أن العمل بدأ فور توقيع عقد المحطة فى أغسطس الماضى، ويصف ما تم فى منطقة غياضة الشرقية التى يقع فيها أكبر محطة لإنتاج الطاقة فى مصر والعالم وهى إحدى المعجزات التى يقدمها العامل المصرى لوطنه، واصفا أيضا موقع المحطة بأنه شديد الوعورة، وبخلاف الطبيعة الصخرية للمكان ، كانت غير مستوية فكان الفرق بين أعلى قمة للأرض وأقل مسافة 40 مترا وكان تحديا كبيرا واجهناه مع الشركة الألمانية وشركائها من الشركات المصرية وتم التغلب على ذلك وازلنا مليونا و600 ألف متر مكعب من الصخور، من خلال حجم عمالة يتعدى 5000 عامل وفنى ومهندس خلال 5 ملايين ساعة عمل، لوضع تلك المنطقة على خريطة التنمية التى كانت غائبة عنها تماما.
وأضاف أن المحطة ستعمل فى البداية بنظام الدورة البسيطة خلال الشتاء القادم لتمد الشبكة القومية لكهرباء مصر بـ 2400 ميجا وات كمرحلة أولى، ويتم ترقيتها بعد ذلك كى تعمل بتكنولوجيا الدورة المركبة عبر إضافة المُبادلات الحرارية، والتوربينات البخارية ليبلغ إجمالى القدرة الكهربائية للمحطة نحو 4.8 جيجاوت وهو ما يكفى لتزويد نحو 15 مليون مواطن مصرى بالطاقة الكهربائية .
وأكد أنه سيتم الانتهاء من جميع أعمال تركيبات المحطة فى شهر أكتوبر المقبل، وتبدأ بعدها تجارب التشغيل وربط المحطة بالشبكة القومية فى نوفمبر المقبل، وتقوم الشركة المصرية لنقل الكهرباء بتنفيذ خطوط ربط المحطة بالشبكة الأن وتم الانتهاء من 70% من خطوط الربط وسيتم تسليم دوائر التفريغ خلال أغسطس القادم.
ويعلق المهندس جابر دسوقى رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر على حجم الانجاز الذى تم بالمحطة قائلا: «نقوم حاليا بتحديث منظومة الطاقة فى مصر وأنا واثق أن انجازات أخرى ستعقُب ذلك خلال الفترة القادمة»، مضيفا إن مصر تمر بمرحلة تنمية اقتصادية شاملة وتشهد تدشين العديد من مشروعات البنية التحتية العملاقة والطموحة ولهذا فإننا نسعى لتوفير إمدادات طاقة تتسم بالكفاءة والاعتمادية من أجل دعم هذا التحول الاقتصادى، وتعتبر محطة كهرباء بنى سويف إلى جانب محطات الكهرباء الأخرى التى تقوم شركة سيمنز الألمانية بإنشائها حالياً ستمثل إضافة مهمة لمنظومة طاقة مستديمة فى مصر.
مضيفا أننا نقوم حالياً ببناء ثلاث محطات دورة مركبة تعمل بالغاز الطبيعى بإجمالى قدرة كهربائية تصل إلى 14,4 جيجاوات، خلال 19 شهرا فقط، من تاريخ التوقيع وحتى دخول هذه المحطات الخدمة، وهو ما يُعد رقما قياسيا مقارنة بجميع المعايير القياسية العالمية الخاصة ببناء محطات الطاقة.
اما ويلى مايكسنر الرئيس التنفيذى لسيمنز لشئون الطاقة والغاز فقال: «إننا نشعر بالفخر لكوننا جزءا من رؤية مصر الطموحة للتنمية وأننا جزء من الخطوات الأخرى المهمة فى سبيل تحقيق هذا الهدف، مضيفا: أننا نشارك من خلال تقنياتنا المبتكرة ومشروعاتنا العملاقة للكهرباء فى مصر فإننا سنحقق طفرة فى منظومة الطاقة فى الدولة من خلال زيادة قدرات إنتاج الطاقة الكهربائية بنحو 50% وهو ما سيسهم فى توفير الآلاف من فرص العمل، ويُمكن مصر من توفير نحو 1.3 مليار دولار سنوياً نتيجة لترشيد استهلاك الوقود، مضيفا أيضا: إن استراتيجية مصر للتنمية يتضح من خلالها الحاجة لتوفير طاقة كهربائية تحظى بالجدوى الاقتصادية إلى جانب تنويع مزيج الطاقة فى مصر.
5000 عامل وفنى ومهندس يبنون بسواعدهم أكبر محطة طاقة فى العالم، جاءوا من جميع المحافظات، يستقبلون بصدورهم حرارة الشمس الحارقة، يصارعون الزمن من أجل الانتهاء من بناء المحطة، فالعمل هنا يسير بشكل منظم ومحدد بدقة كما رأيناه خلال جولتنا بالمحطة، والأمر المهم الذى قامت به الشركة الألمانية وشركاؤها من الشركات المصرية، الاعتماد على العمالة المحلية خاصة من منطقة غياضة الشرقية ببنى سويف، الفخر بالعمل فى إنشاء المحطة كانت سمة اساسية لدى جميع العاملين، وقال على ابراهيم عامل لحام بالمحطة :»بنسابق الزمن علشان نعمل حاجة كويسة للبلد»،ويضيف «اى شاب بيقول مش لاقى شغل ييجى هنا ويشتغل»، وعبر على عن فخره بالعمل بالمحطة واستعداده للعمل طوال اليوم لانجاز المشروع فى اسرع وقت.
ويقول ناصر السيد أحد أبناء بنى سويف: أعمل لمدة 8 ساعات بحد أقصى فى اليوم، والعمل هنا مقسم على 3 ورديات، وشاركت فى حفر مأخذ المياه من النيل، وكان عملا غاية فى الصعوبة وقمنا بالحفر فى الصخور على عمق 40 مترا لكى تصل مياه النيل للمحطة، ويطلب من جميع المصريين أن يأتوا إلى هنا لرؤية حجم الجهد الذى يبذله العاملون فى صمت، ويضيف كل العمالة هنا هى «عمالة باليومية» ونتقاضى أجرا عاليا والاهم أننا بنقدم حاجة كويسة وأملنا اننا نستمر فى العمل فى المحطة بعد تشغيلها لأنها أصبحت جزءا منا.
إضافة تعليق جديد