الحمد لله رب العالمين لايسأم من كثرة السؤال والطلب، سبحانه إذا سئل أعطى وأجاب، وإذا لم يسأل غضب، يعطى الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطى الدين إلا لمن أحب ورغب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وإليه المنقلب هو المالك وهو الملك يحكم ما يريد فلا تعقيب ولا عجب
وأشهد أن خاتم المرسلين هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب نطق بأفصح الكلام وجاء بأعدل الأحكام وما قرأ ولا كتب.
قال الله تعالى" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا "الإنسان 8 في هذه الآية الكريمة من الدستور الإسلامي -القرآن الكريم- يحثُّ الله تعالى عباده المؤمنين على الإحسان إلى أسراهم وإطعامهم
يقول لويس سيديو: "والكل يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - رفض - بعد غزوة بدر- رأْيَ عمر بن الخطاب في قتل الأسرى، وأنه صفح عن قاتل عمِّه حمزة، وأنه لم يرفض - قط - ما طُلب إليه من اللطف والسماح"
ولم يكن الصحابة رضوان الله عليهم يقدمون للأسرى ما بقي من طعامهم بل كانوا ينتقون لهم أجود ما لديهم من طعام، ويجعلونهم يأكلونه عملاً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، وها هو أبو عزيز شقيق مصعب بن عمير رضي الله عنه- يحكي ما حدث يقول: "كنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خَصَّوْني بالخبز، وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها؛ فأستحي فأردّها فيردّها عَلَيَّ ما يمسّها!
قال ابن هشام" وكان أبو عزيز هذا صاحب لواء المشركين ببدر بعد النضر بن الحارث" أي أنّه لم يكن شخصية عادية، بل كان من أشدّ المشركين على المسلمين ومع ذلك انظر كيف كان يعامل لأن الرحمة بالأسير أصل من أصول التعامل لا يجوز التخلي عنه تحت أي ظرف.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم غزوة بدر أن يُكرموا الأُسَارى، فكانوا يُقَدِّمُونهم على أنفسهم عند الغداء،
و جعل البخاري –رحمه الله– بابًا في الصحيح سمّاه: باب الكسوة للأُسارى، وذكر فيه أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ"
وروى البيهقى فى دلائل النبوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر لأسرى هوازن بالكساء فقد أمر رجلاً أن يَقْدُمَ مكة فيشتري للسبي –الأسرى- ثياب المُعَقَّد (نوع من الثياب)
بل وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بالاسرى الى ابعد حد وإذا اردت ان تتعجب فأنظر كيف ينهى عن التفريق بين الأم وطفلها؛ فعَنْ أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
و أتى أبو أسيد الأنصاري رضي الله عنه بسبي من البحرين فَصُفُّو، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليهم؛ فإذا امرأة تبكي؛ فقال: "ما يُبْكِيكَ؟" فقالت: بِيعَ ابني في بني عبس؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أسيد: "لَتَرْكَبَنَّ فَلَتَجِيئَنَّ به"، فركب أبو أسيد فجاء به رق لها ولولدها ويأمره ليذهب ليأتى لها ببنها رحمة بها
وفهم اصحاب محمد ذلك ووعوه جيدا فقد أعطى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأبي الهيثم بن التيّهان أسيرً، وأمره بالإحسان إليه، فأخذه أبو الهيثم إلى منزله، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني بك خيرً، فأنت حُرٌّ لوجه الله، ورُويَ أنه قال له: "أنت حُرٌّ لوجه الله، ولك سهم من مالي
ورأى الرسولُ أسارى بني قريظة، موقوفين في قيظ النهار تحت الشمس؛ فأمر مَن يقومون بحراستهم قائلاً: ((لا تجمعوا عليهم حرَّ هذا اليوم وحرَّ السلاح، قيلوهم حتى يبردوا))، وقد سُئل الإمام مالك - رحمه الله -: أيعذَّب الأسير إن رُجي أن يدل على عورة العدو؟ فأجاب قائلاً: ما سمعت بذلك
عن أبي هريرة قال: كان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي أن رسول الله دعا الله حين عرض لرسول الله بما عرض أن يمكنه منه, وكان عرض لرسول الله وهو مشرك فأراد قتله فأقبل ثمامة معتمرًا وهو على شركه حتى دخل المدينة فتحير فيها حتى أخذ فأتى به رسول الله فأمر به فربط إلى عمود من عمد المسجد فخرج رسول الله عليه فقال: "ما لك يا ثمامة هل أمكن الله منك", فقال: قد كان ذلك يا محمد, إن تقتل تقتل ذا دم, وإن تعف تعف عن شاكر, وإن تسأل مالاً تعطه, فمضى رسول الله وتركه, حتى إذا كان من الغد مر به فقال: "ما لك يا ثمام", قال: خير يا محمد؛ إن تقتل تقتل ذا دم, وإن تعف تعف عن شاكر, وإن تسأل مالاً تعطه ثم انصرف رسول الله قال أبو هريرة: فجعلنا المساكين. نقول بيننا: ما نصنع بدم ثمامة والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة, فلما كان من الغد مر به رسول الله فقال: "ما لك يا ثمام" قال: خير يا محمد, إن تقتل تقتل ذا دم, وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالاً تعطه, فقال رسول الله : "أطلقوه قد عفوت عنك يا ثمامة"..
فلما عاين ثمامة اخلاق النبى وأصحابه ورأى سماحة الاسلام أتدرى ما فعل ثمامة خرج ثمامة حتى أتى حائطًا من حيطان المدينة فاغتسل فيه وتطهر وطهر ثيابه, ثم جاء إلى رسول الله وهو جالس في المسجد فقال: يا محمد لقد كنت وما وجه أبغض إلي من وجهك, ولا دين أبغض إلي من دينك, ولا بلد أبغض إلي من بلدك, ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك, ولا دين أحب إلي من دينك, ولا بلد أحب إلي من بلدك؛ وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, يا رسول الله إني كنت خرجت معتمرًا وأنا على دين قومي فأسرني أصحابك في عمرتي؛ فسيرني صلى الله عليك في عمرتي فسيره رسول الله في عمرته وعلمه فخرج معتمرًا, فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد قالوا: صبأ ثمامة فقال: والله ما صبوت ولكنني أسلمت وصدقت محمدًا وآمنت به, والذي نفس ثمامة بيده لا تأتيكم حبة من اليمامة -وكانت ريف أهل مكة- حتى يأذن فيها رسول الله وانصرف إلى بلده, ومنع الحمل إلى مكة فجهدت قريش, فكتبوا إلى رسول الله يسألونه بأرحامهم إلا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام؛ ففعل ذلك رسول الله, ولما ظهر مسيلمة وقوي أمره أرسل رسول الله فرات بن حيان العجلي إلى ثمامة في قتال مسيلمة وقتله.
و كانت ميرة قريش ومنافعهم من اليمامة ثم خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم ومنافعهم, فلما أضر بهم كتبوا إلى رسول الله إن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم وتحض عليها, وإن ثمامة قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا, فإن رأيت أن تكتب إليه أن يخلى بيننا وبين ميرتنا فافعل, فكتب إليه رسول الله : "أن خل بين قومي وبين ميرتهم".
هذا مع انهم كانوا معه فى عداء شديد وحرب صلى الله عليه وسلم
وموقفة معلوم فيما أطلق يوم فتح مكة (رمضان 8هـ) جماعة من قريش فكان يقال لهم: الطلقاء
حتى من أهدر دمهم صلى الله عليه وسلم من جاءه منهم معتذرا قبل منه وعفا عنه بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم
أسأل الله تعالى ان يعلمنا ما جهلنا ويجعلنا ممن يدلون عباده عليه وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
إضافة تعليق جديد