الحمد لله رب العالمين، لايسأم من كثرة السؤال والطلب، سبحانه إذا سئل أعطى وأجاب، وإذا لم يُسأل غضب، يعطى الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطى الدين إلا لمن أحب ورغب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وإليه المنقلب، هو المالك وهو الملك، يحكم ما يريد فلا تعقيب ولا عجب.
وأشهد أن خاتم المرسلين هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، نطق بأفصح الكلام وجاء بأعدل الأحكام وما قرأ ولا كتب.
لقد جعل الله تعالى من محمد – صلى الله عليه وسلم – " أسوة حسنة" وقدوة عظمى للمؤمنين، يقتدي به كل إنسان يريد أن يؤدي رسالة حضارية على كوكب الأرض . و قد قال تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر "، وهي شهادة من الله تعالى " لكريم خصاله – صلى الله عليه وسلم".
و يقول أنس بن مالك: " ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال، من رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم.
وعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حسنا أو حسينا فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه، ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته".
وربما أراد أن يطيل فى الصلاة فيسمع بكاء الطفل فيخفف ، ولما بكت أمامة بنت زينب ابنته حملها وهو يصلي بالناس فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها.
فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَبِي العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا" رواه البخاري.
عندما دخل مكة فاتحًا استُقْبِل أيضًا بالأطفال، فلم يمنعه الموقف المهيب، ولا الوضع العسكري الخطير، من أن يتلطف معهم، بل ويحملهم! يقول عبد الله بن عباس "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ!"
وكانت له صلى الله عليه وسلم عناية خاصة بالأيتام لما بهم، انظر اليه صلى الله عليه وسلم.
فمن أقواله وهو يشجع المسلمين على رعاية اليتامى.. قال: "أنَا وكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ يَعْنِي السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى".
وقال أيضًا: "مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ".
وأتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو قسوة قلبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَتُحِبُ أنْ يَلِينَ قَلْبُكَ وتُدْرِكَ حَاجَتِكَ؟ ارْحَمْ اليَتِيمَ، وامْسَحْ رَأسَه، وأَطْعِمْه مِنْ طَعَامِكَ يَلِنْ قَلْبُكَ، وتُدْرِكَ حَاجَتِكَ".
وعد صلى الله عليه وسلم، أكل مال اليتيم من السبع الموبقات، وذلك تحذيرا من ظلمهم أو استغلال ضعفهم.
و يفكر صلى الله عليه وسلم فى اليتيم وفى ماله أن ترك دون اسثمار له فيقول "ألا مَنْ وَلِيَ يَتِيمَ لَهُ مَالٌ، فَليتَّجِر فِيه، ولا يَتْرُكْه حَتى تَأكُلُه الصَدَقَةُ".
ويقول لويس سيديو: "لا شي أدعى إلى راحة النفس من عناية محمد بالأولاد. فهو قد حرّم عادة الوأد، وشغل باله بحال اليتامى على الدوام، وكان يجد في ملاحظة صغار الأولاد أعظم لذة".
ومما حدث ذات يوم أن كان محمد يصلي فوثب الحسين بن على فوق ظهره، فلم يبال بنظرات الحضور فانتظر صابرًا إلى حين نزوله كما أراد. " تاريخ العرب
أما عن رحمته صلى الله عليه وسلم بالنساء فحدث كما تشاء فلن تجد ارحم منه صلى الله عليه وسلم.
روى ابن حبان في صحيحه "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عال ابنتين أو ثلاثا أو أختين أو ثلاثا حتى يبن أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها "
وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .
و اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ رضى الله عنها - ابنته – عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ أَلَا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْجِزُهُ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ: "كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنْ الرَّجُلِ؟ "قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهُمَا قَدْ اصْطَلَحَا فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلَانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا".
وأحيانًا تخطئ زوجته خطأً كبيرًا، لو حدث لأحدنا الان لصال وجال وربما انتهت الحياة الزوجية كلها بسببه ومع ذلك فمن رحمته يُقدِّر موقفها، ويرحم ضعفها، ويعذر غيرتها، ولا ينفعل أو يتجاوز، إنما يتساهل ويعفو.
فقد روى أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان عِنْدَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلَتْ أُخْرَى بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتْ يَدَ الرَّسُولِ فَسَقَطَتْ الْقَصْعَةُ فَانْكَسَرَتْ فَأَخَذ صلى الله عليه وسلم الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ، وَيَقُولُ: "غَارَتْ أُمُّكُمْ كُلُوا"،فَأَكَلُوا، فَأَمْسَكَ حَتَّى جَاءَتْ بِقَصْعَتِهَا الَّتِي فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْهَا " لقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الموقف ببساطة، وجمع الطعام من على الأرض، وقال لضيوفه: "كلوا"، وعلل غضب زوجته بالغيرة، ولم ينس أن يرفع قدرها، فقال "غارت أمكم"، أي أم المؤمنين!!
بل إن هناك ما هو أعجب من ذلك فقد روى أنس بن مالك رضى الله عنه فقال: "إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ!".
ومن رحمة النبي بالنساء بيانه فضل الصدقة على الأهل فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك " رواه مسلم.
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ومن يستعف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله "رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا ابن آدم إن تبذل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول " .رواه مسلم.
وعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال : قلت : يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت " . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
أسأل الله تعالى ان يعلمنا ما جهلنا ويجعلنا ممن يدلون عباده عليه وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
إضافة تعليق جديد